PDA

توجه ! این یک نسخه آرشیو شده میباشد و در این حالت شما عکسی را مشاهده نمیکنید برای مشاهده کامل متن و عکسها بر روی لینک مقابل کلیک کنید : متن کامل شرح ابن عقیل دوره چهار جلدی شماره 5



khadem
06-18-2007, 11:28
[ شرح إبن عقيل - ابن عقيل ]
الكتاب : شرح إبن عقيل
المؤلف : بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي المصري الهمذاني
الناشر : دار الفكر - دمشق
الطبعة الثانية ، 1985
تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد
عدد الأجزاء : 4 ( واخصص بها عطف الذي لا يغنى ... متبوعه كاصطف هذا وابنى )
اختصت الواو من بين حروف العطف بأنها يعطف بها حيث لا يكتفى بالمعطوف عليه نحو اختصم زيد وعمرو ولو قلت اختصم زيد لم يجز ومثله اصطف هذا وابني وتشارك زيد وعمرو
ولا يجوز أن يعطف في هذه المواضع بالفاء ولا بغيرها من حروف العطف فلا تقول اختصم زيد فعمرو
( والفاء للترتيب باتصال ... وثم للترتيب بانفصال )
أي تدل الفاء على تأخر المعطوف عن المعطوف عليه متصلا به وثم على تأخره عنه منفصلا أي متراخيا عنه نحو جاء زيد فعمرو ومنه قوله تعالى ( الذي خلق فسوى ) وجاء زيد ثم عمرو ومنه قوله تعالى ( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة )
(3/227)

( واخصص بفاء عطف ما ليس صله ... على الذي استقر أنه الصلة )
اختصت الفاء بأنها تعطف ما لا يصلح أن يكون صلة لخلوه عن ضمير الموصول على ما يصلح أن يكون صلة لاشتماله على الضمير نحو الذي يطير فيغضب زيد الذباب ولو قلت ويغضب زيد أو ثم يغضب زيد لم يجز لأن الفاء تدل على السببية فاستغني بها عن الرابط ولو قلت الذي يطير ويغضب منه زيد الذباب جاز لأنك أتيت بالضمير الرابط
( بعضا بحتى أعطف على كل ولا ... يكون إلا غاية الذي تلا )
(3/228)

يشترط في المعطوف بحتى أن يكون بعضا مما قبله وغاية له في زيادة أو نقص نحو مات الناس حتى الأنبياء وقدم الحجاج حتى المشاة
( وأم بها أعطف إثر همز التسويه ... أو همزة عن لفظ أي مغنيه )
أم على قسمين منقطعة وستأتي ومتصلة وهي التي تقع بعد همزة التسوية نحو سواء على أقمت أم قعدت ومنه قوله تعالى ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ) والتي تقع بعد همزة مغنية عن أي نحو أزيد عندك أم عمرو أي أيهما عندك
( وربما أسقطت الهمزة إن ... كان خفا المعنى بحذفها أمن )
(3/229)

أي قد تحذف الهمزة يعني همزة التسوية والهمزة المغنية عن أي عند أمن اللبس وتكون أم متصلة كما كانت والهمزة موجودة ومنه قراءة ابن محيصن ( سواء عليهم أنذرتهم أم لم تندرهم ) بإسقاط الهمزة من أنذرتهم وقول الشاعر
294 - ( لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا ... بسبع رمين الجمر أم بثمان )
أي أبسبع
(3/230)

( وبانقطاع وبمعنى بل وفت ... إن تك مما قيدت به خلت )
أي إذا لم يتقدم على أم همزة التسوية ولا همزة مغنية عن أي فهي منقطعة وتفيد الإضراب كبل كقوله تعالى ( لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه ) أي بل يقولون أفتراه ومثله إنها لإبل أم شاء أي بل هي شاء
( خير أبح قسم بأو وأبهم ... وأشكك وإضراب بها أيضا نمى )
(3/231)

أي تستعمل أو للتخيير نحو خذ من مالي درهما أو دينارا وللإباحة نحو جالس الحسن أو ابن سيرين والفرق بين الإباحة والتخيير أن الإباحة لا تمنع الجمع والتخيير يمنعه وللتقسيم نحو الكلمة اسم أو فعل أو حرف وللابهام على السامع نحو جاء زيد أو عمرو إذا كنت عالما بالجائي منهما وقصدت الإبهام على السامع ومنه قوله تعالى ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أوفى ضلال مبين ) وللشك نحو جاء زيد أو عمرو إذا كنت شاكا في الجائي منهما وللاضراب كقوله
295 - ( ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أحص عدتهم إلا بعداد )
(3/232)

( كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي )
أي بل زادوا
( وربما عاقبت الواو إذا ... لم يلف ذو النطق للبس منفذا )
قد تستعمل أو بمعنى الواو عند أمن اللبس كقوله
296 - ( جاء الخلافة أو كانت له قدرا ... كما أتى ربه موسى على قدر )
(3/233)

( ومثل أو في القصد إما الثانية ... في نحو إما ذى وإما النائيه )
يعني أن إما المسبوقة بمثلها تفيد ما تفيده أو من التخيير نحو خذ من مالي إما درهما وإما دينارا والإباحة نحو جالس إما الحسن وإما ابن سيرين والتقسيم نحو الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف والإبهام والشك نحو جاء إما زيد وإما عمرو
وليست إما هذه عاطفة خلافا لبعضهم وذلك لدخول الواو عليها وحرف العطف لا يدخل على حرف العطف
(3/234)

( وأول لكن نفيا أو نهيا ولا ... نداء أو أمرا أو أثباتا تلا )
أي إنما يعطف بلكن بعد النفي نحو ما ضربت زيدا لكن عمرا وبعد النهي نحو لا تضرب زيدا لكن عمرا
ويعطف بلا بعد النداء نحو يا زيد لا عمرو والأمر نحو اضرب زيدا لا عمرا وبعد الإثبات نحو جاء زيد لا عمرو
ولا يعطف بلا بعد النفي نحو ما جاء زيد لا عمرو ولا يعطف بلكن في الإثبات نحو جاء زيدلكن عمرو
( وبل كلكن بعد مصحوبيها ... كلم أكن في مربع بل تيها )
(3/235)

( وانقل بها للثان حكم الأول ... في الخبر المثبت والأمر الجلي )
يعطف ببل في النفي والنهي فتكون كلكن في أنها تقرر حكم ما قبلها وتثبت تقيضه لما بعدها نحو ما قام زيد بل عمرو ولا تضرب زيدا بل عمرا فقررت النفي والنهي السابقين وأثبتت القيام لعمرو والأمر بضربه
ويعطف بها في الخبر المثبت والأمر فتفيد الإضراب عن الأول وتنقل الحكم إلى الثاني حتى يصير الأول كأنه مسكوت عنه نحو قام زيد بل عمرو واضرب زيدا بل عمرا
( وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل )
(3/236)

( أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... في النظم فاشيا وضعفه اعتقد )
إذا عطفت على ضمير الرفع المتصل وجب أن تفصل بينه وبين ما عطفت عليه بشيء ويقع الفصل كثيرا بالضمير المنفصل نحو قوله تعالى ( لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ) فقوله وآباؤكم معطوف على الضمير في كنتم وقد فصل بأنتم وورد أيضا الفصل بغير الضمير وإليه أشار بقوله أو فاصل ما وذلك كالمفعول به نحو أكرمتك وزيد ومنه قوله تعالى ( جنات عدن يدخلونها ومن صلح ) فمن معطوف على الواو في يدخلونها وصح ذلك للفصل بالمفعول به وهو الهاء من يدخلونها ومثله الفصل بلا النافية كقوله تعالى ( ما أشركنا ولا آباؤنا ) فآباؤنا معطوف على نا وجاز ذلك للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بلا
(3/237)

والضمير المرفوع المستتر في ذلك كالمتصل نحو أضرب أنت وزيد ومنه قوله تعالى ( أسكن أنت وزوجك الجنة ) فزوجك معطوف على الضمير المستتر في أسكن وصح ذلك للفصل بالضمير المنفصل وهو أنت
وأشار بقوله وبلا فصل يرد إلى أنه قد ورد في النظم كثيرا العطف على الضمير المذكور بلا فصل كقوله
297 - ( قلت إذ أقبلت وزهر تهادى ... كنعاج الفلا تعسفن رملا )
فقوله وزهر معطوف على الضمير المستتر في أقبلت
(3/238)

وقد ورد ذلك في النثر قليلا حكى سيبويه رحمه الله تعالى مررت برجل سواء والعدم برفع العدم بالعطف على الضمير المستتر في سواء
وعلم من كلام المصنف أن العطف على الضمير المرفوع المنفصل لا يحتاج إلى فصل نحو زيد ما قام إلا هو وعمرو وكذلك الضمير المنصوب المتصل والمنفصل نحو زيد ضربته وعمرا وما أكرمت إلا إياك وعمرا
وأما الضمير المجرور فلا يعطف عليه إلا بإعادة الجار له نحو مررت بك وبزيد ولا يجوز مررت بك وزيد
هذا مذهب الجمهور وأجاز ذلك الكوفيون واختاره المصنف وأشار إليه بقوله
( وعود خافض لدى عطف على ... ضمير خفض لازما قد جعلا )
( وليس عندي لازما إذ قد أتى ... في النثر والنظم الصحيح مثبتا )
(3/239)

أي جعل جمهور النحاة إعادة الخافض إذا عطف على ضمير الخفض لازما ولا أقول به لورود السماع نثرا ونظما بالعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض فمن النثر قراءة حمزة ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) بجر الأرحام عطفا على الهاء المجرورة بالباء ومن النظم ما أنشده سيبويه رحمه الله تعالى
298 - ( فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب )
بجر الأيام عطفا على الكاف المجرورة بالباء
(3/240)

( والفاء قد تحذف مع ما عطفت ... والواو إذ لا لبس وهي انفردت )
( بعطف عامل مزال قد بقى ... معموله دفعا لوهم أتقى )
(3/241)

قد تحذف الفاء مع معطوفها للدلالة ومنه قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) أي فأفطر فعليه عدة من أيام أخر فحذف أفطر والفاء الداخلة عليه وكذلك الواو ومنه قولهم راكب الناقة طليحان أي راكب الناقة والناقة طليحان
وانفردت الواو من بين حروف العطف بأنها تعطف عاملا محذوفا بقي معموله ومنه قوله
299 - ( إذا ما الغانيات برزن يوما ... وزججن الحواجب والعيونا )
(3/242)

فالعيون مفعول بفعل محذوف والتقدير وكحلن العيون والفعل المحذوف معطوف على زججن
( وحذف متبوع بدا هنا استبح ... وعطفك الفعل عل الفعل يصح )
قد يحذف المعطوف عليه للدلالة عليه وجعل منه قوله تعالى ( أفلم تكن آياتي تتلى عليكم ) قال الزمخشري التقدير ألم تأتكم آياتي فلم تكن تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه وهو ألم تأتكم
(3/243)

وأشار بقوله وعطفك الفعل إلى آخره إلى أن العطف ليس مختصا بالأسماء بل يكون فيها وفي الأفعال نحو يقوم زيد ويقعد وجاء زيد وركب واضرب زيدا وقم
( واعطف على اسم شبه فعل فعلا ... وعكسا استعمل تجده سهلا )
يجوز أن يعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل كاسم الفاعل ونحوه ويجوز أيضا عكس هذا وهو أن يعطف على الفعل الواقع موقع الأسم أسم فمن الأول قوله تعالى ( فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا ) وجعل منه قوله تعالى ( إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله ) ومن الثاني قوله
300 - ( فالفيته يوما يبير عدوه ... ومجر عطاء يستحق المعابرا )
(3/244)

وقوله
301 - ( بات يغشيها بعضب باتر ... يقصد في أسوقها وجائر )
فمجر معطوف على يبير وجائر معطوف على يقصد
(3/245)

البدل
( التابع المقصود بالحكم بلا ... واسطة هو المسمى بدلا )
البدل هو التابع المقصود بالنسبة بلا واسطة
فالتابع جنس والمقصود بالنسبة فصل أخرج النعت والتوكيد وعطف البيان لأن كل واحد منها مكمل للمقصود بالنسبة لا مقصود بها وبلا واسطة أخرج المعطوف ببل نحو جاء زيد بل عمرو فإن عمرا هو المقصود بالنسبة ولكن بواسطة وهي بل وأخرج المعطوف بالواو ونحوها فإن كل واحد منهما مقصود بالنسبة ولكن بواسطة
( مطابقا أو بعضا أو ما يشتمل ... عليه يلفى أو كمعطوف ببل )
(3/247)

( وذا للاضراب أعز إن قصدا صحب ... ودون قصد غلط به سلب )
( كزره خالدا وقبله اليدا ... واعرفه حقه وخذ نبلا مدى )
(3/248)

البدل على أربعة أقسام
الأول بدل الكل من الكل وهو البدل المطابق للمبدل منه المساوى له في المعنى نحو مررت بأخيك زيد ورزه خالدا
الثاني بدل البعض من الكل نحو أكلت الرغيف ثلثه وقبله اليد
الثالث بدل الاشتمال وهو الدال على معنى في متبوعه نحو أعجبني زيد علمه واعرفه حقه
الرابع البدل المباين للمبدل منه وهو المراد بقوله أو كمعطوف ببل وهو على قسمين أحدهما ما يقصد متبوعه كما يقصد هو ويسمى بدل الإضراب وبدل البداء نحو أكلت خبزا لحما قصدت أولا الإخبار بأنك أكلت خبزا ثم بدا لك أنك تخبر أنك أكلت لحما أيضا وهو المراد بقوله وذا للاضراب اعز إن قصدا صحب أي البدل الذي هو كمعطوف ببل انسبه للاضراب إن قصد متبوعه كما يقصد هو الثاني مالا يقصد متبوعه بل يكون المقصود البدل فقط وإنما غلط المتكلم فذكر المبدل منه ويسمى بدل الغلط والنسيان نحو رأيت رجلا حمارا أردت أنك تخبر أولا أنك رأيت حمارا فغلطت بذكر الرجل وهو المراد بقوله ودون قصد غلط به سلب أي إذا لم يكن المبدل منه مقصودا فيسمى البدل بدل الغلط لأنه مزيل الغلط الذي سبق وهو ذكر غير المقصود
وقوله خذ نبلا مدى يصلح أن يكون مثالا لكل من القسمين لأنه
(3/249)

إن قصد النبل والمدى فهو بدل الإضراب وإن قصد المدى فقط وهو جمع مدية وهي الشفرة فهو بدل الغلط
( ومن ضمير الحاضر الظاهر لا ... تبدله إلا ما إحاطة جلا )
( أو اقتضى بعضا أو اشتمالا ... كإنك ابتهاجك اشتمالا )
أي لا ببدل الظاهر من ضمير الحاضر إلا إن كان البدل بدل كل من كل واقتضى الإحاطة والشمول أو كان بدل اشتمال أو بدل بعض من كل
فالأول كقوله تعالى ( تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا ) فأولنا بدل من الضمير المجرور باللام وهو نا فإن لم يدل على الإحاطة امتنع نحو رأيتك زيدا
(3/250)

والثاني كقوله
302 - ( ذرينى إن أمرك لن يطاعا ... وما الفيتني حلمي مضاعا )
فحلمي بدل اشتمال من الياء في ألفيتني
والثالث كقوله
303 - ( أو عدني بالسجن والأداهم ... رجلي فرجلي شثنة المناسم )
(3/251)

فرجلي بدل بعض من الياء في أوعدني
وفهم من كلامه أنه يبدل الظاهر من الظاهر مطلقا كما تقدم تمثيله وأن ضمير الغيبة يبدل منه الظاهر مطلقا نحو زره خالدا
( وبدل المضمن الهمزيلى ... همزا كمن ذا أسعيد أم علي )
(3/252)

إذا أبدل من أسم الاستفهام وجب دخول همزة الاستفهام على البدل نحو من ذا أسعيد أم علي وما تفعل أخيرا أم شرا ومتى تأتينا أغدا أم بعد غد
( ويبدل الفعل من الفعل كمن ... يصل إلينا يستعن بنا يعن )
كما يبدل الاسم من الاسم يبدل الفعل من الفعل فيستعن بنا بدل من يصل إلينا ومثله قوله تعالى ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب ) فيضاعف بدل من يلق فإعرابه بإعرابه وهو الجزم وكذا قوله
304 - ( إن على الله أن تبعايعا ... تؤخذ كرها أو تجيء طائعا )
فتؤخذ بدل من تبايعا ولذلك نصب
(3/253)

النداء
( وللمنادى الناء أو كالناء يا ... وأي وآ كذا آيا ثم هيا )
( والهمز للداني ووا لمن ندب ... أو يا وغير وا لدي اللبس اجتنب )
لا يخلو المنادى من أن يكون مندوبا أو غيره فإن كان غير مندوب فإما أن يكون بعيدا أو في حكم البعيد كالنائم والساهي أو قريبا فإن كان بعيدا أو في حكمه فله من حروف النداء يا وأي وآ وهيا وإن كان قريبا فله الهمزة نحو أزيد أقبل وإن كان مندوبا وهو
(3/255)

المتفجع عليه أو المتوجع منه فله وا نحو وازيداه و واظهراه ويا أيضا عند عدم التباسه بغير المندوب فإن التبس تعينت وا وامتنعت يا
( وغير مندوب ومضمر وما ... جا مستغاثا قد يعرى فاعلما )
( وذاك في اسم الجنس والمشار له ... قل ومن يمنعه فانصر عاذله )
لا يجوز حذف حرف النداء مع المندوب نحو وازيداه ولا مع الضمير نحو يا إياك قد كفيتك ولا مع المستغاث نحو يا لزيد
(3/256)

وأما غير هذه فيحذف معها الحرف جوازا فتقول في يا زيد أقبل زيد أقبل وفي يا عبد الله أركب عبد الله أركب
لكن الحذف مع اسم الإشارة قليل وكذا مع اسم الجنس حتى إن أكثر النحويين منعوه ولكن أجازه طائفة منهم وتبعهم المصنف ولهذا قال ومن يمنعه فانصر عاذله أي انصر من يعذله على منعه لورود السماع به فمما ورد منه مع اسم الإشارة قوله تعالى ( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ) أي يا هؤلاء وقول الشاعر
305 - ( ذا ارعواء فليس بعد اشتعال الرأس ... شيبا إلى الصبا من سبيل )
أي ياذا
ومما ورد منه مع اسم الجنس قولهم أصبح ليل أي يا ليل وأطرق كرا أي يا كرا
(3/257)

( وابن المعرف المنادى المفردا ... على الذي في رفعه قد عهدا )
لا يخلو المنادى من أن يكون مفردا أو مضافا أو مشبها به
فإن كان مفردا فإما أن يكون معرفة أو نكرة مقصودة أو نكرة غير مقصودة
فإن كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة بنى على ما كان يرفع به فإن كان يرفع بالضمة بنى عليها نحو يا زيد ويا رجل وإن كان يرفع بالألف أو بالواو فكذلك نحو يا زيدان ويا رجلان ويا زيدون ويا رجيلون ويكون في محل نصب على المفعولية لأن المنادى مفعول به في المعنى وناصبه فعل مضمر نابت يا منابه فأصل يا زيد أدعو زيدا فحذف أدعو ونابت يا منابه
(3/258)

( وأنو انضمام ما بنوا قبل الندا ... وليجر مجرى ذي بناء جددا )
أي إذا كان الاسم المنادى مبنيا قبل النداء قدر بعد النداء بناؤه على الضم نحو يا هذا ويجري مجرى ما تجدد بناؤه بالنداء كزيد في أنه يتبع بالرفع مراعاة للضم المقدر فيه وبالنصب مراعاة للمحل فتقول يا هذا العاقل والعاقل بالرفع والنصب كما تقول يا زيد الظريف والظريف
( والمفرد المنكور والمضافا ... وشبهه انصب عادما خلافا )
تقدم أن المنادى إذا كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة يبنى على ما كان يرفع به وذكر هنا أنه إذا كان مفردا نكرة أي غير مقصودة أو مضافا أو مشبها به نصب
(3/259)

فمثال الأول قول الأعمى يا رجلا خذ بيدي وقول الشاعر
306 - ( أيا راكبا إما عرضت فبلغا ... نداماى من نجران أن لا تلاقيا )
ومثال الثاني قولك يا غلام زيد ويا ضارب عمرو
ومثال الثالث قولك يا طالعا جبلا ويا حسنا وجهه ويا ثلاثة وثلاثين فيمن سميته بذلك
(3/260)

( ونحو زيد ضم وافتحن من ... نحو أزيد بن سعيد لاتهن )
أي إذا كان المنادى مفردا علما ووصف بأبن مضاف إلى علم ولم يفصل بين المنادى وبين ابن جاز لك في المنادى وجهان البناء على الضم نحو يا زيدبن عمرو والفتح إتباعا نحو يا زيد بن عمرو ويجب حذف ألف ابن والحالة هذه خطأ
( والضم إن لم يل الابن علما ... أو يل الابن علم قد حتما )
(3/261)

أي إذا لم يقع ابن بعد علم أو لم يقع بعده علم وجب ضم المنادى وامتنع فتحه فمثال الأول نحو يا غلام ابن عمرو ويا زيد الظريف ابن عمرو ومثال اثاني يا زيد ابن أخينا فيجب بناء زيد على الضم في هذه الأمثلة ويجب إثبات ألف ابن والحالة هذه
( وأضمم أو أنصب ما اضطرارا نونا ... مما له استحقاق ضم بينا )
تقدم أنه إذا كان المنادى مفردا معرفة أو نكرة مقصودة يجب بناؤه على الضم وذكر هنا أنه إذا اضطر شاعر إلى تنوين هذا المنادى كان له تنوينه وهو معصوم وكان له نصبه وقد ورد السماع بهما فمن الأول قوله
307 - ( سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام )
(3/262)

ومن الثاني قوله
308 - ( ضربت صدرها إلى وقالت ... يا عديا لقد وقتك الأواقي )
( وباضطرار خص جمع يا وأل ... إلا مع الله ومحكى الجمل )
(3/263)

( والأكثر اللهم بالتعويض ... وشذ يا اللهم في قريض )
لا يجوز الجمع بين حرف النداء وأل في غير اسم الله تعالى وما سمى به من الجمل إلا في ضرورة الشعر كقوله
309 - ( فيا الغلامان اللذان فرا ... إيا كما أن تعقبانا شرا )
(3/264)

وأما مع اسم الله تعالى ومحكى الجمل فيجوز فتقول يا الله بقطع الهمزة ووصلها وتقول فيمن اسمه الرجل منطلق يا الرجل منطلق أقبل
والأكثر في نداء اسم الله اللهم بميم مشددة معوضة من حرف النداء وشذ الجمع بين اليم وحرف النداء في قوله
310 - ( إني إذا ما حدث ألما ... أقول يا اللهم يا اللهما )
(3/265)

فصل
( تابع ذي الضم المضاف دون أل ... ألزمه نصبا كأزيد ذا الحيل )
أي إذا كان تابع المنادى المضموم مضافا غير مصاحب للألف واللام وجب نصبه نحو يا زيد صاحب عمرو
(3/266)

( وما سواه انصب أو ارفع واجعلا ... كمستقل نسقا وبدلا )
أي ما سوى المضاف المذكور يجوز رفعه ونصبه وهو المضاف المصاحب لال والمفرد فتقول يا زيد الكريم الأب برفع الكريم ونصبه ويا زيد الظريف برفع الظريف ونصبه
وحكم عطف البيان والتوكيد حكم الصفة فتقول يا رجل زيد وزيدا بالرفع والنصب ويا تميم أجمعون وأجمعين
وأما عطف النسق والبدل ففي حكم المنادى المستقل فيجب ضمه إذا كان مفردا نحو يا رجل زيد ويا رجل وزيد كما يجب الضم لو قلت يا زيد ويجب نصبه إن كان مضافا نحو يا زيد أبا عبد الله ويا زيد وأبا عبد الله كما يجب نصبه لو قلت يا أبا عبد الله
( وإن يكن مصحوب أل مانسقا ... ففيه وجهان ورفع ينتقى )
(3/267)

أي إنما يجب بناء المنسوق على الضم إذا كان مفردا معرفة بغير أل
فإن كان ب أل جاز فيه وجهان الرفع والنصب والمختار عند الخليل وسيبويه ومن تبعهما الرفع وهو اختيار المصنف ولهذا قال ورفع ينتقى أي يختار فتقول يا زيد والغلام بالرفع والنصب ومنه قوله تعالى ( يا جبال أوبى معه والطير ) برفع الطير ونصبه
( وأيها مصحوب أل بعد صفه ... يلزم بالرفع لدى ذي المعرفه )
( وأيهذا أيها الذي ورد ... ووصف أي بسوى هذا يرد )
(3/268)

يقال يا أيها الرجل ويا أيهذا ويا أيها الذي فعل كذا فأي منادى مفرد مبنى على الضم وها زائدة والرجل صفة لأي ويجب رفعه عند الجمهور لأنه هو المقصود بالنداء وأجاز المازني نصبه قياسا على جواز نصب الظريف في قولك يا زيد الظريف بالرفع والنصب
ولا توصف أي إلا باسم جنس محلى بأل كالرجل أو باسم إشارة نحو يا أيهذا أقبل أو بموصول محلى بأل يا أيها الذي فعل كذا
( وذو إشارة كأي في الصفة ... إن كان تركها بقيت المعرفه )
يقال يا هذا الرجل فيجب رفع الرجل إن جعل هذا وصلة لندائه كما يجب رفع صفة أي وإلى هذا أشار بقوله إن كان تركها يفيت
(3/269)

المعرفة فإن لم يجعل اسم الإشارة وصلة لنداء ما بعده لم يجب رفع صفته بل يجوز الرفع والنصب
( في نحو سعد سعد الأوس ينتصب ... ثان وضم وافتتح أولا تصب )
يقال يا سعد سعد الأوس و
311 - ( يا تيم تيم عدى ... )
(3/270)

312 - و ( يا زيد زيد اليعملات ... )
فيجب نصب الثاني ويجوز في الأول الضم والنصب
(3/272)

فإن ضم الأول كان الثاني منصوبا على التوكيد أو على إضمار أعنى أو على البدلية أو عطف البيان أو على النداء
وإن نصب الأول فمذهب سيبويه أنه مضاف إلى ما بعد الاسم الثاني وأن الثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه ومذهب المبرد أنه مضاف إلى محذوف مثل ما أضيف إليه الثاني وأن الأصل يا تيم عدى تيم عدى فحذف عدى الأول لدلالة الثاني عليه
(3/273)

المنادى المضاف إلى ياء المتكلم
( واجعل منادى صح إن يصف ليا ... كعبد عبدي عبد عبدا عبديا )
إذا أضيف المنادى إلى ياء المتكلم فإما أن يكون صحيحا أو معتلا
فإن كان معتلا فحكمه كحكمه غير منادى وقد سبق حكمه في المضاف إلى ياء المتكلم
وإن كان صحيحا جاز فيه خمسة أوجه
أحدها حذف الياء والاستغناء بالكسرة نحو يا عبد وهذا هو الأكثر
الثاني إثبات الياء ساكنة نحو يا عبدي وهو دون الأول في الكثرة
الثالث قلب الياء ألفا وحذفها والاستغناء عنها بالفتحة نحو يا عبد
(3/274)

الرابع قلبها ألفا وإبقاؤها وقلب الكسرة فتحة نحو يا عبدا
الخامس إثبات الياء محركة بالفتح نحو يا عبدي
( وفتح أو كسر وحذف اليا استمر ... في يا ابن أم يا ابن عم لا مفر )
إذا أضيف المنادى إلى مضاف إلى ياء المتكلم وجب إثبات الياء إلا في ابن أم وابن عم فتحذف الياء منهما لكثرة الاستعمال وتكسر الميم أو تفتح فتقول يا ابن أم أقبل ويا ابن عم لا مفر بفتح الميم وكسرها
(3/275)

( وفي الندا أبت أمت عرض ... واكسر أو افتتح ومن اليا التا عوض )
يقال في النداء يا أبت ويا أمت بفتح التاء وكسرها ولا يجوز إثبات الياء فلا تقول يا أبتي ويا أمتي لأن التاء عوض من الياء فلا يجمع بين العوض والمعوض منه
(3/276)

أسماء لازمت النداء
( وفل بعض ما يخص بالندا ... لؤمان نومان كذا واطردا )
( في سب الأنثى وزن يا خباث ... والأمر هكذا من الثلاثي )
( وشاع في سب الذكور فعل ... ولا تقس وجر في الشعر فل )
من الأسماء ما لا يستعمل إلا في النداء نحو يا فل أي يا رجل ويا لؤمان للعظيم اللؤم ويا نومان للكثير النوم وهو مسموع
وأشار بقوله واطردا في سب الأنثى إلى أنه ينقاس في النداء استعمال
(3/277)

حذف
(3/0)

فعال مبنيا على الكسر في ذم الأنثى وسبها من كل فعل ثلاثي نحو يا خباث ويا فساق ويا لكاع
وكذلك ينقاس استعمال فعال مبنيا على الكسر من كل فعل ثلاثي للدلالة على الأمر نحو نزال وضراب وقتال أي انزل واضرب واقتل
وكثر استعمال فعل في النداء خاصة مقصودا به سب الذكور نحو يا فسق ويا غدر ويا لكع ولا ينقاس ذلك
وأشار بقوله وجر في الشعر فل إلى أن بعض الأسماء المخصوصة بالنداء قد تستعمل في الشعر في غير النداء كقوله
313 - ( تضل منه إبلى بالهوجل ... في لجة أمسك فلانا عن فل )
(3/278)

الاستغاثة
( إذا استغيث اسم منادى خفضا ... باللام مفتوحا كيا للمرتضى )
يقال يا لزيد لعمرو فيجر المستغاث بلام مفتوحة ويجر المستغاث له بلام مكسورة وإنما فتحت مع المستغاث لأن المنادى واقع موقع المضمر واللام تفتح مع المضمر نحو لك وله
( وافتح مع المعطوف إن كررت يا ... وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا )
(3/280)

إذا عطف على المستغاث مستغاث آخر فإما أن تتكرر معه يا أولا
فإن تكررت لزم الفتح نحو يا لزيد ويا لعمرو لبكر
وإن لم تتكرر لزم الكسر نحو يا لزيد ولعمرو لبكر كما يلزم كسر اللام مع المستغاث له وإلى هذا أشار بقوله وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا أي وفي سوى المستغاث والمعطوف عليه الذي تكررت معه يا اكسر اللام وجوبا فتكسر مع المعطوف الذي لم تتكرر معه يا ومع المستغاث له
( ولام ما استغيث عاقبت ألف ... ومثله اسم ذو تعجب ألف )
تحذف لام المستغاث ويؤتى بألف في آخره عوضا عنها نحو يا زيدا لعمرو ومثل المستغاث المتعجب منه نحو يا للداهية ويا للعجب فيجر بلام مفتوحة كما يجر المستغاث وتعاقب اللام في الاسم المتعجب منه ألف فتقول يا عجبا لزيد
(3/281)

الندبة
( ما للمنادى اجعل لمندوب وما ... نكر لم يندب ولا ما أبهما )
( ويندب الموصول بالذي اشتهر ... كبئر زمزم يلى وامن حفر )
المندوب هو المتفجع عليه نحو وازيداه والمتوجع منه نحو واظهراه ولا يندب إلا المعرفة فلا تندب النكرة فلا يقال وارجلاه ولا المبهم كاسم الإشارة نحو واهذاه ولا الموصول إلا إن كان خاليا من أل واشتهر بالصلة كقولهم وامن حفر بئر زمزماه
(3/282)

( ومنتهى المندوب صله بالألف ... متلوها إن كان مثلها حذف )
( كذاك تنوين الذي به كمل ... من صلة أو غيرها نلت الأمل )
يلحق آخر المنادى المندوب ألف نحو وازيدا لا تبعد ويحذف ما قبلها إن كان ألفا كقولك واموساه فحذف ألف موسى وأتى بالألف للدلالة على الندبة أو كان تنوينا في آخر صلة أو غيرها نحو وامن حفر بئر زمزماه ونحو يا غلام زيداه
( والشكل حتما أوله مجانسا ... إن يكن الفتح بوهم لانسا )
(3/283)

إذا كان آخر ما تلحقه ألف الندبة فتحة لحقته ألف الندبة من غير تغيير لها فتقول واغلام أحمداه وإن كان غير ذلك وجب فتحه إلا إن أوقع في لبس
فمثال ما لا يوقع في لبس قولك في غلام زيد واغلام زيداه وفي زيد وازيداه
ومثال ما يوقع فتحه في لبس واغلامهوه واغلامكيه وأصله واغلامك بكسر الكاف واغلامه بضم الهاء فيجب قلب ألف الندبة بعد الكسرة ياء وبعد الضمة واوا لأنك لو لم تفعل ذلك وحذفت الضمة والكسرة وفتحت وأتيت بألف الندبة فقلت واغلامكاه واغلامهاه لالتبس المندوب المضاف إلى ضمير المخاطبة بالمندوب المضاف إلى ضمير المخاطب والتبس المندوب المضاف إلى ضمير الغائبة بالمندوب المضاف إلى ضمير الغائب
وإلى هذا أشار بقوله والشكل حتما إلى آخره أي إذا شكل آخر المندوب بفتح أو ضم أو كسر فأوله مجانسا له من واو أو ياء إن كان الفتح موقعا في لبس نحو واغلامهوه واعلامكيه وإن لم يكن الفتح موقعا في لبس فافتح آخره وأوله ألف الندبة نحو وازيداه وواغلام زيداه
( وواقفا زدهاء سكت إن ترد ... وإن تشأ فالمد والها لا تزد )
(3/284)

أي إذا وقف على المندوب لحقه بعد الألف هاء السكت نحو وازيداه أو وقف على الألف نحو وازيدا ولا تثبت الهاء في الوصل إلا ضرورة
كقوله
314 - ( ألا يا عمرو عمراه ... وعمرو بن الزبيراه )
(3/285)

( وقائل واعبديا واعبدا ... من في الندا اليا ذا سكون أبدى )
أي إذا ندب المضاف إلى ياء المتكلم على لغة من سكن الياء قيل فيه واعبديا بفتح الياء وإلحاق ألف الندبة أو ياعبدا بحذف الياء وإلحاق ألف الندبة
وإذا ندب على لغة من يحذف الياء أو يستغنى بالكسرة أو يقلب الياء ألفا والكسرة فتحة ويحذف الألف ويستغنى بالفتحة أو يقلبها ألفا ويبقيها قيل واعبدا ليس إلا
وإذا ندب على لغة من يفتح الياء يقال واعبديا ليس إلا
فالحاصل أنه إنما يجوز الوجهان أعني واعبديا واعبدا على لغة من سكن الياء فقط كما ذكر المصنف
(3/286)

الترخيم
( ترخيما أحذف آخر المنادى ... كياسعا فيمن دعا سعادا )
الترخيم في اللغة ترقيق الصوت ومنه قوله
315 - ( لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر )
(3/287)

أي رقيق الحواشي
وفي الاصطلاح حذف أواخر الكلم في النداء نحو يا سعا والأصل يا سعاد
( وجوزنه مطلقا في كل ما ... أنت بالها والذي قد رخما )
( بحذفها وفره بعد واحظلا ... ترخيم ما من هذه الها قد خلا )
( إلا الرباعي فما فوق العلم ... دون إضافة وإسناد متم )
(3/288)

لا يخلو المنادى من أن يكون مؤنثا بالهاء أو لا
فإن كان مؤنثا بالهاء جاز ترخيمه مطلقا أي سواء كان علما كفاطمة أو غير علم كجارية زائدا على ثلاثة أحرف كما مثل أو غير زائد على ثلاثة أحرف كشاة فتقول يا فاطم ويا جاري وياشا ومنه قولهم ياشا ادجني أي أقيمي بحذف تاء التأنيث للترخيم ولا يحذف منه بعد ذلك شيء آخر وإلى هذا أشار بقوله وجوزنه إلى قوله بعد
وأشار بقوله واحظلا إلخ إلى القسم الثاني وهو ما ليس مؤنثا بالهاء فذكر أنه لا يرخم إلى بثلاثة بشروط
الأول أن يكون رباعيا فأكثر
الثاني أن يكون علما
الثالث أن لا يكون مركبا تركيب إضافة ولا إسناد
وذلك كعثمان وجعفر فتقول يا عثم ويا جعف
وخرج ما كان على ثلاثة أحرف كزيد وعمرو وما كان على أربعة أحرف غير علم كقائم وقاعد وما ركب تركيب إضافة كعبد شمس وما ركب تركيب إسناد نحو شاب قرناها فلا يرخم شيء من هذه
(3/289)

وأما ما ركب تركيب مزج فيرخم بحذف عجزه وهو مفهوم من كلام المصنف لأنه لم يخرجه فتقول فيمن اسمه معدى كرب يا معدى
( ومع الآخر احذف الذي تلا ... إن زيد لينا ساكنا مكملا )
( أربعة فصاعدا والخلف في ... واو وياء بهما فتح قفى )
أي يجب أن يحذف مع الآخر ما قبله إن كان زائدا لينا أي حرف لين ساكنا رابعا فصاعدا وذلك نحو عثمان ومنصور ومسكين فتقول يا عثم ويا منص ويا مسك فإن كان غير زائد كمختار أو غير لين كقمطر أو غير ساكن كقنور أو غير رابع كمجيد لم يجز حذفه فتقول
(3/290)

يا مختا ويا قمط ويا قنو ويا مجى
وأما فرعون ونحوه وهو ما كان قبل واوه فتحة أو قبل يائه فتحة كغرنيق ففيه خلاف فمذهب الفراء والجرمى أنهما يعاملان معاملة مسكين ومنصوره فتقول عندهما يا فرع ويا غرن ومذهب غيرهما من النحويين عدم جواز ذلك فتقول عندهم يا فرعو ويا غرني
( والعجز أحذف من مركب وقل ... ترخيم جملة وذا عمرو نقل )
تقدم أن المركب تركيب مزج يرخم وذكر هنا أن ترخيمه يكون بحذف عجزه فتقول في معدى كرب يا معدى وتقدم أيضا أن المركب تركيب إسناد لا يرخم وذكر هنا أنه يرخم قليلا وأن عمرا يعني سيبويه وهذا اسمه وكنيته أو بشر وسيبويه لقبه نقل ذلك عنهم والذي نص عليه سيبويه
(3/291)

في باب الترخيم أن ذلك لا يجوز وفهم المصنف عنه من كلامه في بعض أبواب النسب جواز ذلك فتقول في تأبط شرا يا تأبط
( وإن نويت بعد حذف ما حذف ... فالباقي استعمل بما فيه ألف )
( واجعله إن لم تنو محذوفا كما ... لو كان بالآخر وضعا تمما )
( فقل على الأول في ثمود ياثمو ... ياثمى على الثاني بيا )
(3/292)

يجوز في المرخم لغتان إحداهما أن ينوى المحذوف منه والثانية أن لا ينوى ويعبر عن الأولى بلغة من ينتظر الحرف وعن الثانية بلغة من لا ينتظر الحرف
فإذا رخمت على لغة من ينتظر تركت الباقي بعد الحذف على ما كان عليه من حركة أو سكون فتقول في جعفر يا جعف وفي حارث يا حار وفي قمطر يا قمط
وإذا رخمت على لغة من لا ينتظر عاملت الآخر بما يعامل به لو كان هو آخر الكلمة وضعا فتبنيه على الضم وتعامله معاملة الاسم التام فتقول يا جعف ويا حار ويا قمط بضم الفاء والراء والطاء
وتقول في ثمود على لغة من ينتظر الحرف يا ثمو بواو ساكنة وعلى لغة من لا ينتظر تقول يا ثمى فتقلب الواو ياء والضمة كسرة لأنك تعامله معاملة الاسم التام ولا يوجد اسم معرب آخره واو قبلها ضمة إلا ويجب قلب الواو ياء والضمة كسرة
(3/293)

( والتزم الأول في كمسلمه ... وجوز الوجهين في كمسلمه )
إذا رخم ما فيه تاء التأنيث للفرق بين المذكر والمؤنث كمسلمه وجب ترخيمه على لغة من ينتظر الحرف فتقول يا مسلم بفتح الميم ولا يجوز ترخيمه على لغة من لا ينتظر الحرف فلا تقول يا مسلم بضم الميم لئلا يلتبس بنداء المذكر
وأما ما كانت فيه التاء لا للفرق فيرخم على اللغتين فتقول في مسلمة علما يا مسلم بفتح الميم وضمها
( ولاضطرار رخموا دون ندا ... ما للندا يصلح نحو أحمدا )
قد سبق أن الترخيم حذف أواخر الكلم في النداء وقد يحذف للضرورة آخر الكلمة في غير النداء بشرط كونها صالحة للنداء كأحمد ومنه قوله
(3/294)

316 - ( لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره ... طريف بن مال ليلة الجوع والخصر )
أي طريف بن مالك
(3/295)

الاختصاص
( الاختصاص كنداء دون يا ... كأيها الفتى بإثر ارجونيا )
( وقد يرى ذا دون أي تلو أل ... كمثل نحن العرب أسخى من بذل )
الاختصاص يشبه النداء لفظا ويخالفه من ثلاثة أوجه
(3/297)

أحدها أنه لا يستعمل معه حرف نداء
والثاني أنه لا بد أن يسبقه شيء
والثالث أن تصاحبه الألف واللام
وذلك كقولك أنا أفعل كذا أيها الرجل ونحن العرب أسخى الناس وقوله نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة
وهو منصوب بفعل مضمر والتقدير أخص العرب وأخص معاشر الأنبياء
(3/298)

التحذير والإغراء
( إياك والشر ونحوه نصب ... محذر بما استتاره وجب )
( ودون عطف ذا لإيا انسب وما ... سواه ستر فعله لن يلزما )
( إلا مع العطف أو التكرار ... كالضيغم الضيغم ياذا السارى )
(3/299)

التحذير تنبيه المخاطب على أمر يجب الاحتراز منه
فإن كان بإياك وأخواته وهو إياك وإياكما وإياكم وإياكن وجب إضمار الناصب سواء وجد عطف أم لا فمثاله مع العطف إياك والشر فإياك منصوب بفعل مضمر وجوبا والتقدير إياك أحذر ومثاله بدون العطف إياك أن تفعل كذا أي إياك من أن تفعل كذا
وإن كان بغير إياك وأخواته وهو المراد بقوله وما سواه فلا يجب إضمار الناصب إلا مع العطف كقولك ماز رأسك والسيف أي يا مازن ق رأسك واحذر السيف أو التكرار نحو الضيغم الضيغم أي احذر الضيغم فإن لم يكن عطف ولا تكرار جاز إضمار الناصب وإظهاره نحو الأسد أي احذر الأسد فإن شئت أظهرت وإن شئت أضمرت
( وشذ إياي وإياه أشذ ... وعن سبيل القصد من قاس انتبذ )
حق التحذير أن يكون للمخاطب وشذ مجيئه للمتكلم في قوله إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب وأشذ منه مجيئه للغائب في قوله إذا بلغ الرجل
(3/300)

الستين فإياه وإيا الشواب ولا يقاس على شيء من ذلك
( وكمحذر بلا إيا اجعلا ... مغرى به في كل ما قد فصلا )
الإغراء هو أمر المخاطب بلزوم ما يحمد به وهو كالتحذير في أنه إن وجد عطف أو تكرار وجب إضمار ناصبه وإلا فلا ولا تستعمل فيه إيا
فمثال ما يجب معه إضمار الناصب قولك أخاك أخاك وقولك أخاك والإحسان إليه أي الزم أخاك
ومثل ما لا يلزم معه الإضمار قولك أخاك أي الزم أخاك
(3/301)

أسماء الأفعال والأصوات
( ما ناب عن فعل كشتان وصه ... هم اسم فعل وكذا أوه ومه )
( وما بمعنى افعل كآمين كثر ... وغيره كوى وهيهات نزر )
أسماء الأفعال ألفاظ تقوم مقام الأفعال في الدلالة على معناها وفي عملها وتكون بمعنى الأمر وهو الكثير فيها كمه بمعنى اكفف وآمين بمعنى استجب وتكون بمعنى الماضي كشتان بمعنى افترق تقول شتان زيد وعمرو وهيهات بمعنى بعد تقول هيهات العقيق
(3/302)

ومعناه بعد وبمعنى المضارع كأوه بمعنى أتوجع ووى بمعنى أعجب وكلاهما غير مقيس
وقد سبق في الأسماء الملازمة للنداء أنه ينقاس استعمال فعال اسم فعل مبنيا على الكسر من كل فعل ثلاثي فتقول ضراب زيدا أي اضرب ونزال أي انزل وكتاب أي اكتب ولم يذكره المصنف هنا استغناء بذكره هناك
( والفعل من أسمائه عليكا ... وهكذا دونك مع إليكا )
( كذا رويد بله ناصبين ... ويعملان الخفض مصدرين )
من أسماء الأفعال ما هو في أصله ظرف وما هو مجرور بحرف نحو عليك زيدا أي الزمه و إليك أي تنح ودونك زيدا أي خذه
(3/303)

ومنها ما يستعمل مصدرا واسم فعل كرويد وبله
فإن ابحر ما بعدهما فهما مصدران نحو رويد زيد أي إرواد زيد أي إمهاله وهو منصوب بفعل مضمر وبله زيد أي تركه
وإن انتصب ما بعدهما فهما اسما فعل نحو رويدا زيدا أي أمهل زيدا وبله عمرا أي أتركه
( وما لما تنوب عنه من عمل ... لها وأخر ما لذي فيه العمل )
أي يثبت لأسماء الأفعال من العمل ما يثبت لما تنوب عنه من الأفعال
فإن كان ذلك الفعل يرفع فقط كان اسم الفعل كذلك كصه بمعنى اسكت ومه بمعنى اكفف وهيهات زيد بمعنى بعد زيد ففي صه
(3/304)

ومه ضميران مستتران كما في اسكت واكفف وزيد مرفوع بهيهات كما ارتفع ببعد
وإن كان ذلك الفعل يرفع وينصب كان اسم الفعل كذلك ك دراك زيدا أي أدركه وضراب عمرا أي اضربه ففي دراك وضراب ضميران مستتران وزيدا وعمرا منصوبان بهما
وأشار بقوله وأخر ما لذي فيه العمل إلى أن معمول اسم الفعل يجب تأخيره عنه فتقول دراك زيدا ولا يجوز تقديمه عليه فلا تقول زيدا دراك وهذا بخلاف الفعل إذ يجوز زيدا أدرك
( واحكم بتنكير الذي ينون ... منها وتعريف سواه بين )
الدليل على أن ما سمى بأسماء الأفعال أسماء لحاق التنوين لها فتقول في صه صه وفي حيهل حيهلا فيلحقها التنوين للدلالة على التنكير فما نون منها كان نكرة ومالم ينون كان معرفة
(3/305)

( وما به خوطب مالا يعقل ... من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل )
( كذا الذي أجدى حكاية كقب ... والزم بنا النوعين فهو قد وجب )
أسماء الأصوات ألفاظ استعملت كأسماء الأفعال في الاكتفاء بها دالة على خطاب مالا يعقل أو على حكاية صوت من الأصوات فالأول كقولك هلا لزجر الخيل وعدس لزجر البغل والثاني كقب لوقوع السيف وغاق للغراب
(3/306)

وأشار بقوله والزم بنا النوعين إلى أن أسماء الأفعال وأسماء الأصوات كلها مبنية وقد سبق في باب المعرب والمبنى أن أسماء الأفعال مبنية لشبهها بالحرف في النيابة عن الفعل وعدم التأثر حيث قال وكنيابة عن الفعل بلا تأثر وأما أسماء الأصوات فهي مبنية لشبهها بأسماء الأفعال
(3/307)

نونا التوكيد
( للفعل توكيد بنونين هما ... كنوني اذهبن واقصدنهما )
أي يلحق الفعل للتوكيد نونان إحداهما ثقيلة ك اذهبن والأخرى خفيفة ك اقصدنهما وقد اجتمعا في قوله تعالى ( ليسجنن وليكونن من الصاغرين )
( يؤكدان افعل ويفعل آتيا ... ذا طلب أو شرطا أما تاليا )
( أو مثبتا في قسم مستقبلا ... وقل بعد ما ولم وبعد لا )
(3/308)

( وغير إما من طوالب الجزا ... وآخر المؤكد افتح كابرزا )
أي تلحق نونا التوكيد فعل الأمر نحو اضربن زيدا والفعل المضارع المستقبل الدال على طلب نحو لتضربن زيدا ولا تضربن زيدا وهل تضربن زيدا والواقع شرطا بعد إن المؤكدة ما نحو إما تضربن زيدا أضربه ومنه قوله تعالى ( فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم ) أو الواقع جواب قسم مثبتا مستقبلا نحو والله لتضربن زيدا
فإن لم يكن مثبتا لم يؤكد بالنون نحو والله لا تفعل كذا وكذا إن كان حالا نحو والله ليقوم زيد الآن
وقل دخول النون في الفعل المضارع الواقع بعد ما الزائدة التي لا تصحب إن نحو بعين ما أرينك ههنا والواقع بعد لم كقوله
(3/309)

317 - ( يحسبه الجاهل ما لم يعلما ... شيخا على كرسيه معمما )
والواقع بعد لا النافية كقوله تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )
والواقع بعد غير إما من أدوات الشرط كقوله
(3/310)

318 - ( من نثقفن منهم فليس بآيب ... )
(3/311)

وأشار المصنف بقوله وآخر المؤكد افتح إلى أن الفعل المؤكد بالنون يبنى على الفتح إن لم تله ألف الضمير أو ياؤه أو واوه نحو اضربن زيدا واقتلن عمرا
( وأشكله قبل مضمر لين بما ... جانس من تحرك قد علما )
( والمضمر أحذفنه إلا الألف ... وإن يكن في آخر الفعل ألف )
(3/312)

( فاجعله منه رافعا غير اليا ... والواو ياء كاسعين سعيا )
( وأحذفه من رافع هاتين وفي ... واو ويا شكل مجانس قفى )
( نحو أخشين يا هند بالكسر ويا ... قوم اخشون واضمم وقس مسويا )
(3/313)

الفعل المؤكد بالنون إن اتصل به ألف اثنين أو واو جمع أو ياء مخاطبة حرك ما قبل الألف بالفتح وما قبل الواو بالضم وما قبل الياء بالكسر
ويحذف الضمير إن كان واوا أو ياء ويبقى إن كان ألفا فتقول يا زيدان هل تضربان ويا زيدون هل تضربن ويا هند هل تضربن والأصل هل تضربانن وهل تضربونن وهل تضربينن فحذفت النون لتوالي الأمثال ثم حذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين فصار أهل تضربن وهل تضربن ولم تحذف الألف لخفتها فصار هل تضربان وبقيت الضمة دالة على الواو والكسرة دالة على الياء
هذا كله إذا كان الفعل صحيحا
فإن كان معتلا فإما أن يكون آخره ألفا أو واوا أو ياء
فإن كان آخره واوا أو ياء حذفت لأجل واو الضمير أو يائه وضم ما بقي قبل واو الضمير وكسر ما بقي قبل ياء الضمير فتقول يا زيدون هل تغزون وهل ترمون ويا هند هل تغزين وهل ترمين
فإذا ألحقته نون التوكيد فعلت به ما فعلت بالصحيح فتحذف نون الرفع وواو الضمير أو ياءه فتقول يا زيدون هل تغزن وهل ترمن ويا هند هل تغزن وهل ترمن هذا إن أسند إلى الواو والياء
وإن أسند إلى الألف لم يحذف آخره وبقيت الآلف وشكل ما قبلها بحركة تجانس الألف وهي الفتحة فتقول هل تغزوان وهل ترميان وإن كان آخر الفعل ألفا فإن رفع الفعل غير الواو والياء كالألف والضمير المستتر انقلبت الألف التي في آخر الفعل ياء وفتحت نحو اسعيان وهل تسعيان واسعين يازيد
(3/314)

وإن رفع واوا أو ياء حذفت الألف وبقيت الفتحة التي كانت قبلها وضمت الواو وكسرت الياء فتقول يا زيدون اخشون ويا هند اخشين
هذا إن لحقته نون التوكيد وإن لم تلحقه لم تضم الواو ولم تكسر الياء بل تسكنهما فتقول يا زيدون هل تخشون ويا هند هل تخشين ويا زيدون اخشوا ويا هند اخشى
( ولم تقع خفيفة بعد الألف ... لكن شديدة وكسرها ألف )
لاتقع نون التوكيد الخفيفة بعد الألف لكن شديدة وكسرها ألف لا تقع نون التوكيد الخفيفة بعد الألف فلا تقول اضربان بنون مخففة بل يجب التشديد فتقول اضربان بنون مشددة مكسورة
(3/315)

خلافا ليونس فإنه أجاز وقوع النون الخفيفة بعد الألف ويجب عنده كسرها
( وألفا زد قبلها مؤكدا ... فعلا إلى نون الإناث أسندا )
إذا أكد الفعل المسند إلى نون الإناث بنون التوكيد وجب أن يفصل بين نون الإناث ونون التوكيد بألف كراهية توالي الأمثال فتقول اضربنان بنون مشددة مكسورة قبلها ألف
( واحذف خفيفة لساكن ردف ... وبعد غير فتحة إذا تقف )
(3/316)

( واردد إذا حذفتها في الوقف ما ... من أجلها في الوصل كان عدما )
( وأبدلنها بعد فتح ألفا ... وقفا كما تقول في قفن قفا )
إذا ولى الفعل المؤكد بالنون الخفيفة ساكن وجب حذف النون لالتقاء الساكنين فتقول اضرب الرجل بفتح الباء والأصل اضربن
(3/317)

فحذفت نون التوكيد لملافاة الساكن وهو لام التعريف ومنه قوله
319 - ( لا تهين الفقير علك أن ... تركع يوما والدهر قد رفعه )
(3/318)

وكذلك تحذف نون التوكيد الخفيفة في الوقف إذا وقعت بعد غير فتحة أي بعد ضمة أو كسرة ويرد حينئذ ما كان حذف لأجل نون التوكيد فتقول في اضربن يا زيدون إذا وقفت على الفعل اضربوا وفي اضربن يا هند اضربي فتحذف نون التوكيد الخفيفة للوقف وترد الواو التي حذفت لأجل نون التوكيد وكذلك الياء
فإن وقعت نون التوكيد الخفيفة بعد فتحة أبدلت النون في الوقف أيضا ألفا فتقول في اضربن يا زيد اضربا
(3/319)

مالا ينصرف
( الصرف تنوين أتى مبينا ... معنى به يكون الأسم أمكنا )
الاسم إن اشبه الحرف سمى مبنيا وغير متمكن وإن لم يشبه الحرف سمى معربا ومتمكنا
ثم المعرب على قسمين
أحدهما ما أشبه الفعل ويسمى غير منصرف ومتمكنا غير أمكن
والثاني ما لم يشبه الفعل ويسمى منصرفا ومتمكنا أمكن
وعلامة المنصرف أن يجر بالكسرة مع الألف واللام والإضافة وبدونهما وأن يدخله الصرف وهو التنوين الذي لغير مقابلة أو تعويض الدال على معنى يستحق به الاسم أن يسمى أمكن وذلك المعنى هو عدم شبهه الفعل نحو مررت بغلام وغلام زيد والغلام
واحترز بقوله لغير مقابلة من تنوين أذرعات ونحوه فإنه تنوين جمع المؤنث السالم وهو يصحب غير المنصرف كأذرعات وهندات علم امرأة وقد سبق الكلام في تسميته تنوين المقابلة
واحترز بقوله أو تعويض من تنوين جوار وغواش ونحوهما فإنه عوض من الياء والتقدير جوارى وغواشي وهو يصحب غير المنصرف
(3/320)

كهذين المثالين وأما المنصرف فلا يدخل عليه هذا التنوين
ويجر بالفتحة إن لم يضف أو لم تدخل عليه أل نحو مررت باحمد فإن أضيف أو دخلت عليه أل جر بالكسرة نحو مررت بأحمدكم وبالأحمد
وإنما يمنع الاسم من الصرف إذا وجد فيه علتان من علل تسع أو واحدة منها تقوم مقام العلتين والعلل يجمعها قوله
( عدل ووصف وتأنيث ومعرفة ... وعجمة ثم جمع ثم تركيب )
( والنون زائدة من قبلها ألف ... ووزن فعل وهذا القول تقريب )
وما يقوم مقام علتين منها اثنان أحدهما ألف التأنيث مقصورة كانت كحبلى أو ممدودة كحمراء والثاني الجمع المتناهي كمساجد ومصابيح وسيأتي الكلام عليها مفصلا
( فألف التأنيث مطلقا منع ... صرف الذي حواه كيفما وقع )
(3/321)

قد سبق أن ألف التأنيث تقوم مقام علتين وهو المراد هنا فيمنع ما فيه ألف التأنيث من الصرف مطلقا أي سواء كانت الألف مقصورة ك حبلى أو ممدودة ك حمراء علما كان ما هي فيه ك زكرياء أو غير علم كما مثل
( وزائدا فعلان في وصف سلم ... من أن يرى بتاء تأنيث ختم )
أي يمنع الاسم من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون بشرط أن
(3/322)

لا يكون المؤنث في ذلك مختوما بتاء التأنيث وذلك نحو سكران وعطشان وغضبان فتقول هذا سكران ورأيت سكران ومررت بسكران فتمنعه من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون والشرط موجود فيه لأنك لا تقول للمؤنثة سكرانة وإنما تقول سكرى وكذلك عطشان وغضبان فتقول امرأة عطشى وغضبى ولا تقول عطشانة ولا غضبانة
فإن كان المذكر على فعلان والمؤنث على فعلانة صرفت فتقول هذا رجل سيفان أي طويل ورأيت رجلا سيفاتا ومررت برجل سيفان فتصرفه لأنك تقول للمؤنثة سيفانة أي طويلة
( ووصف أصلى ووزن أفعلا ... ممنوع تأنيث بتا كأشهلا )
أي وتمنع الصفة أيضا بشرط كونها أصلية أي غير عارضة إذا انضم إليها كونها على وزن أفعل ولم تقبل التاء نحو أحمر وأخضر
فإن قبلت التاء صرفت نحو مررت برجل أرمل أي فقير فتصرفه لأنك تقول للمؤنثة أرملة بخلاف أحمر وأخضر فإنهما لا ينصرفان إذ يقال للمؤنثة حمراء وخضراء ولا يقال أحمرة وأخضرة فمنعا للصفة ووزن الفعل
(3/323)

وإن كانت الصفة عارضة كأربع فإنه ليس صفة في الأصل بل اسم عدد ثم استعمل صفة في قولهم مررت بنسوة أربع فلا يؤثر ذلك في منعه من الصرف وإليه أشار بقوله
( وألغين عارض الوصفيه ... كأربع وعارض الإسميه )
( فالأدهم القيد لكونه وضع ... في الأصل وصفا انصرافه منع )
( وأجدل وأخيل وأفعى ... مصروفة وقد ينلن المنعا )
أي إذا كان استعمال الاسم على وزن أفعل صفة ليس بأصل وإنما هو عارض كأربع فألغه أي لا تعتد به في منع الصرف كما لا تعتد بعروض
(3/324)

الاسمية فيما هو صفة في الأصل كأدهم للقيد فإنه صفة في الأصل لشيء فيه سواد ثم استعمل استعمال الأسماء فيطلق على كل قيد أدهم ومع هذا تمنعه نظرا إلى الأصل
وأشار بقوله وأجدل إلى آخره إلى أن هذه الألفاظ أعنى أجدلا للصقر وأخيلا لطائر وأفعى للحية ليست بصفات فكان حقها أن لا تمنع من الصرف ولكن منعها بعضهم لتخيل الوصف فيها فتخيل في أجدل معنى القوة وفي أخيل معنى التخيل وفي أفعى معنى الخبث فمنعها لوزن الفعل والصفة المتخيلة والكثير فيها الصرف إذ لا وصفية فيها محققة
( ومنع عدل مع وصف معتبر ... في لفظ مثنى وثلاث وأخر )
( ووزن مثنى وثلاث كهما ... من واحد لأربع فليعلما )
(3/325)

مما يمنع صرف الاسم العدل والصفة وذلك في أسماء العدد المبنية على فعال ومفعل كثلاث ومثنى فثلاث معدولة عن ثلاثة ثلاثة ومثنى معدولة عن اثنين اثنين فتقول جاء القوم ثلاث أي ثلاثة ثلاثة ومثنى أي اثنين اثنين
وسمع استعمال هذين الوزنين أعني فعال ومفعل من واحد واثنين وثلاثة وأربعة نحو أحاد وموحد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث ورباع ومربع وسمع أيضا في خمسة وعشرة نحو خماس ومخمس وعشار ومعشر
وزعم بعضهم أنه سمع أيضا في ستة وسبعة وثمانية وتسعة نحو سداس ومسدس وسباع ومسبع وثمان ومثمن وتساع ومتسع
ومما يمنع من الصرف للعدل والصفة أخر التي في قولك مررت بنسوة أخر وهو معدول عن الأخر
وتلخص من كلام المصنف أن الصفة تمنع مع الألف والنون الزائدتين ومع وزن الفعل ومع العدل
( وكن لجمع مشبه مفاعلا ... أو المفاعيل بمنع كافلا )
(3/326)

هذه هي العلة الثانية التي تستقل بالمنع وهي الجمع المتناهي وضابطه كل جمع بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن نحو مساجد ومصابيح
ونبه بقوله مشبه مفاعلا أو المفاعيل على أنه إذا كان الجمع على هذا الوزن منع وإن لم يكن في أوله ميم فيدخل ضوارب وقناديل في ذلك فإن تحرك الثاني صرف نحو صياقلة
( وذا اعتلال منه كالجواري ... رفعا وجرا أجره كسارى )
إذا كان هذا الجمع أعني صيغة منتهى الجموع معتل الآخر أجريته في الجر والرفع مجرى المنقوص ك سارى فتنونه وتقدر رفعه أو جره ويكون التنوين عوضا عن الياء المحذوفة وأما في النصب فتثبت الياء وتحركها بالفتح بغير تنوين فتقول هؤلاء جوار وغواش ومررت بجوار وغواش ورأيت
(3/327)

جوارى وغواشي والأصل في الجر والرفع جوارى وغواشي فحذفت الياء وعوض منها التنوين
( ولسراويل بهذا الجمع ... شبه اقتضى عموم المنع )
يعني أن سراويل لما كانت صيغته كصيغة منتهى الجموع امتنع من الصرف لشبهه به وزعم بعضهم أنه يجوز فيه الصرف وتركه واختار المصنف أنه لا ينصرف ولهذا قال شبه اقتضى عموم المنع
( وإن به سمى أو بما يحق ... به فالا نصراف منعه يحق )
(3/328)

أي إذا سمى بالجمع المتناهى أو بما ألحق به لكونه على زنته كشراحيل فإنه يمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة لأن هذا ليس في الآحاد العربية ما هو على زنته فتقول فيمن اسمه مساجد أو مصابيح أو سراويل هذا مساجد ورأيت مساجد ومررت بمساجد وكذا البواقي
( والعلم امنع صرفه مركبا ... تركيب مزج نحو معديكربا )
مما يمنع صرف الاسم العلمية والتركيب نحو معديكرب وبعلبك فتقول هذا معد يكرب ورأيت معديكرب ومررت بمعد يكرب فتجعل إعرابه على الجزء الثاني وتمنعه من الصرف للعلمية والتركيب
وقد سبق الكلام في الأعلام المركبة في باب العلم
(3/329)

( كذاك حاوى زائدي فعلانا ... كغطفان وكأصبهانا )
أي كذلك يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما وفيه ألف ونون زائدتان كغطفان وأصبهان بفتح الهمزة وكسرها فنقول هذا غطفان ورأيت غطفان ومررت بغطفان فتمنعه من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون
( كذا مؤنث بهاء مطلقا ... وشرط منع العار كونه ارتقى )
( فوق الثلاث أو كجور أو سفر ... أو زيد أسم امرأة لا اسم ذكر )
(3/330)

( وجهان في العادم تذكيرا سبق ... وعجمه كهند والمنع أحق )
ومما يمنع صرفه أيضا العلمية والتأنيث
فإن كان العلم مؤنثا بالهاء امتنع من الصرف مطلقا أي سواء كان علما لمذكر كطلحة أو لمؤنث كفاطمة زائدا على ثلاثة أحرف كما مثل أم لم يكن كذلك كثبة وقلة علمين
وإن كان مؤنثا بالتعليق أي بكونه علم أنثى فإما أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيد من ذلك فإن كان على أزيد من ذلك امتنع من الصرف كزينب وسعاد علمين فتقول هذه زينب ورأيت زينب ومررت بزينب وإن كان على ثلاثة أحرف فإن كان محرك الوسط منع أيضا كسقر وإن كان ساكن الوسط فإن كان أعجميا كجور اسم بلد أو منقولا من مذكر إلى مؤنث كزيد اسم امرأة منع أيضا
فإن لم يكن كذلك يأن كان ساكن الوسط وليس أعجميا ولا منقولا من مذكر ففيه وجهان المنع والصرف والمنع أولى فتقول هذه هند ورأيت هند ومررت بهند
(3/331)

( والعجمى الوضع والتعريف مع ... زيد على الثلاث صرفه امتنع )
ويمنع صرف الأسم أيضا العجمة والتعريف وشرطه أن يكون علما في اللسان الأعجمى وزائدا على ثلاثة أحرف كإبراهيم وإسماعيل فتقول هذا إبراهيم ورأيت إبراهيم ومررت بإبراهيم فتمنعه من الصرف للعلمية والعجمة
فإن لم يكن الأعجمى علما في لسان العجم بل في لسان العرب أو كان نكرة فيهما كلجام علما أو غير علم صرفته فتقول هذا لجام ورأيت لجاما ومررت بلجام وكذلك تصرف ما كان علما أعجميا على ثلاثة أحرف سواء كان محرك الوسط كشتر أو ساكنة كنوح ولوط
( كذاك ذو وزن يخص الفعلا ... أو غالب كأحمد ويعلى )
(3/332)

أي كذلك يمنع صرف الاسم إذا كان علما وهو على وزن يخص الفعل أو يغلب فيه
والمراد بالوزن الذي يخص الفعل ما لا يوجد في غيره إلا ندورا وذلك كفعل وفعل فلو سميت رجلا بضرب أو كلم منعته من الصرف فتقول هذا ضرب أو كلم ورأيت ضرب أو كلم ومررت بضرب أو كلم
والمراد بم يغلب فيه أن يكون الوزن يوجد في الفعل كثيرا أو يكون فيه زيادة تدل على معنى في الفعل ولا تدل على معنى في الاسم فالأول كإثمد وإصبع فإن هاتين الصيغتين يكثران في الفعل دون الأسم كأضرب وأسمع ونحوهما من الأمر المأخوذ من فعل ثلاثي فلو سميت رجلا بإثمد وإصبع منعته من الصرف للعلمية ووزن الفعل فتقول هذا إثمد ورأيت إثمد ومررت بإثمد والثاني كأحمد ويزيد فإن كلا من الهمزة والياء يدل على معنى في الفعل وهو التكلم والغيبة ولا يدل على معنى في الاسم فهذا الوزن غالب في الفعل بمعى أنه به أولى فتقول هذا أحمد ويزيد ورأيت أحمد ويزيد ومررت بأحمد ويزيد فيمنع للعلمية ووزن الفعل
فإن كان الوزن غير مختص بالفعل ولا غالب فيه لم يمنع من الصرف فتقول في رجل اسمه ضرب هذا ضرب ورأيت ضربا ومررت بضرب لأنه يوجد في الاسم كحجر وفي الفعل كضرب
(3/333)

( وما يصير علما من ذي ألف ... زيدت لإلحاق فليس ينصرف )
أي ويمنع صرف الاسم أيضا للعلمية وألف الإلحاق المقصورة كعلقى وأرطى فتقول فيهما علمين هذا علقي ورأيت علقي ومررت بعلقى فتمنعه من الصرف للعلمية وشبه ألف الإلحاق بألف التأنيث من جهة أن ما هي فيه والحالة هذه أعني حال كونه علما لا يقبل تاء التأنيث فلا تقول فيمن اسمه علقى علقاة كما لا تقول في حبلى حبلاة
فإن كان ما فيه ألف الإلحاق غير علم كعلقى وأرطى قبل التسمية بهما صرفته لأنها والحالة هذه لا تشبه ألف التأنيث وكذا إن كانت ألف الإلحاق ممدودة كعلباء فإنك تصرف ما هي فيه علما كان أو نكرة
( والعلم أمنع صرفه إن عدلا ... كفعل التوكيد أو كثعلا )
(3/334)

( والعدل والتعريف مانعا سحر ... إذا به التعيين قصدا يعتبر )
يمنع صرف الاسم للعلمية أو شبهها وللعدل وذلك في ثلاثة مواضع
الأول ما كان على فعل من ألفاظ التوكيد فإنه يمنع من الصرف لشبه العلمية والعدل وذلك نحو جاء النساء جمع ورأيت النساء جمع ومررت بالنساء جمع والأصل جمعاوات لأن مفرده جمعاء فعدل عن جمعاوات إلى جمع وهو معرف بالإضافة المقدرة أي جمعهن فأشبه تعريفه تعريف العلمية من جهة أنه معرفة وليس في اللفظ ما يعرفه
الثاني العلم المعدول إلى فعل كعمر وزفر وثعل والأصل عامر وزافر وثاعل فمنعه من الصرف للعلمية والعدل
الثالث سحر إذا أريد من يوم بعينه نحو جئتك يوم الجمعة سحر فسحر ممنوع من الصرف للعدل وشبه العلمية وذلك أنه معدول عن السحر لأنه
(3/335)

معرفة والأصل في التعريف أن يكون بأل فعدل به عن ذلك وصار تعريفه كتعريف العلمية من جهة أنه لم يلفظ معه بمعرف
( وابن على الكسر فعال علما ... مؤنثا وهو نظير جشما )
( عند تميم وأصرفن ما نكرا ... من كل ما التعريف فيه أثرا )
أي إذا كان علم المؤنث على وزن فعال حذام ورقاش فللعرب فيه مذهبان
أحدهما وهو مذهب أهل الحجاز بناؤه على الكسر فتقول هذه حذام ورأيت حذام ومررت بحذام
(3/336)

والثاني وهو مذهب بني تميم إعرابه كإعراب ما لا ينصرف للعلمية والعدل والأصل حاذمة وراقشة فعدل إلى حذام ورقاش كما عدل عمر وجشم عن عامر وجاشم وإلى هذا أشار بقوله وهو نظير جشما عند تميم
وأشار بقوله واصرفن ما نكرا إلى أن ما كان منعه من الصرف للعلمية وعلة أخرى إذا زالت عنه العلمية بتنكيره صرف لزوال إحدى العلتين وبقاؤه بعلة واحدة لا يقتضي منع الصرف وذلك نحو معد يكرب وغطفان وفاطمة وإبراهيم وأحمد وعلقى وعمر أعلاما فهذه ممنوعة من الصرف للعلمية وشيء آخر فإذا نكرتها صرفتها لزوال أحد سببيها وهو العلمية فتقول رب معد يكرب رأيت وكذا الباقي
(3/337)

وتلخص من كلامه أن العلمية تمنع الصرف مع التركيب ومع زيادة الألف والنون ومع التأنيث ومع العجمة ومع وزن الفعل ومع ألف الإلحاق المقصورة ومع العدل
( وما يكون منه منقوصا ففي ... إعرابه نهج جوار يقتفى )
كل منقوص كان نظيره من الصحيح الآخر ممنوعا من الصرف يعامل معاملة جوار في أنه ينون في الرفع والجر تنوين العوض وينصب بفتحة من غير تنوين وذلك نحو قاض علم امرأة فإن نظيره من الصحيح ضارب علم امرأة وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث فقاض كذلك ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث وهو مشبه بجوار من جهة أن في آخره ياء قبلها كسرة فيعامل معاملته فتقول هذه قاض ومررت بقاض ورأيت قاضي كما تقول هؤلاء جوار ومررت بجوار ورأيت جوارى
( ولاضطرار أو تناسب صرف ... ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف )
(3/338)

يجوز في الضرورة صرف ما لا ينصرف وذلك كقوله 320 ( تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... )
وهو كثير وأجمع عليه البصريون والكوفيون
وورد أيضا صرفه للتناسب كقوله تعالى ( سلاسلا وأغلالا وسعيرا ) فصرف سلاسل لمناسبة ما بعده
(3/339)

وأما منع المنصرف من الصرف للضرورة فأجازه قوم ومنعه آخرون وهم أكثر البصريين واستشهدوا لمنعه بقوله
321 - ( وممن ولدوا عامر ذو الطول وذو العرض ... )
فمنع عامر من الصرف وليس فيه سوى العلمية ولهذا أشار بقوله والمصروف قد لا ينصرف
(3/340)

بسم الله الرحمن الرحيم
إعراب الفعل
( ارفع مضارعا إذا يجرد ... من ناصب وجازم كتسعد )
إذا جرد الفعل المضارع عن عامل النصب وعامل الجزم رفع واختلف في رافعه فذهب قوم إلى أنه ارتفع لوقوعه موقع الاسم فيضرب في قولك زيد يضرب واقع موقع ضارب فارتفع لذلك وقيل ارتفع لتجرده من الناصب والجازم وهو اختيار المصنف
( وبلن انصبه وكى كذا بأن ... لا بعد علم والتي من بعد ظن )
(4/3)

( فانصب بها والرفع صحح واعتقد ... تخفيفها من أن فهو مطرد )
ينصب المضارع إذا صحبه حرف ناصب وهو لن أوكى أو أن أو إذن نحو لن أضرب وجئت كي أتعلم وأريد أن تقوم وإذن أكرمك في جواب من قال لك آتيك
وأشار بقوله لا بعد علم إلى أنه إن وقعت أن بعد علم ونحوه مما يدل على اليقين وجب رفع الفعل بعدها وتكون حينئذ مخففة من الثقيلة نحو علمت أن يقوم التقدير أنه يقوم فخففت أن وحذف اسمها وبقي خبرها وهذه هي غير الناصبة للمضارع لأن هذه ثنائية لفظا ثلاثية وضعا وتلك ثنائية لفظا ووضعا
وإن وقعت بعد ظن ونحوه مما يدل على الرجحان جاز في الفعل بعدها وجهان
أحدهما النصب على جعل أن من نواصب المضارع
الثاني الرفع على جعل أن مخففة من الثقيلة
فتقول ظننت أن يقوم وأن يقوم والتقدير مع الرفع ظننت أنه يقوم فخففت أن وحذف اسمها وبقي خبرها وهو الفعل وفاعله
(4/4)

( وبعضهم أهمل أن حملا على ... ما أختها حيث استحقت عملا )
يعني أن من العرب من لم يعمل أن الناصبة للفعل المضارع وإن وقعت بعد مالا يدل على يقين أو رجحان فيرفع الفعل بعدها حملا على أختها ما المصدرية لاشتراكهما في أنهما يقدران بالمصدر فتقول أريد أن تقوم كما تقول عجبت مما تفعل
( ونصبوا بإذن المستقبلا ... إن صدرت والفعل بعد موصلا )
(4/5)

( أو قبله اليمين وانصب وارفعا ... إذا إذن من بعد عطف وقعا )
تقدم أن من جملة نواصب المضارع إذن ولا ينصب بها إلا بشروط
أحدها أن يكون الفعل مستقبلا
الثاني أن تكون مصدرة
الثالث أن لا يفصل بينها وبين منوصبها
وذلك نحو أن يقال أنا آتيك فتقول إذن أكرمك
فلو كان الفعل بعدها حالا لم ينصب نحو أن يقال أحبك فتقول إذن أظنك صادقا فيجب رفع أظن وكذلك يجب رفع الفعل بعدها إن لم تتصدر نحو زيد إذن يكرمك فإن كان المتقدم عليها حرف عطف جاز في الفعل الرفع والنصب نحو وإذن أكرمك وكذلك يجب
(4/6)

رفع الفعل بعدها إن فصل بينها وبينه نحو إذن زيد يكرمك فإن فصلت بالقسم نصبت نحو إذن والله أكرمك
( وبين لا ولام جر التزم ... إظهار أن ناصبة وإن عدم )
( لا فأن أعمل مظهرا أو مضمرا ... وبعد نفي كان حتما أضمرا )
( كذك بعد أو إذا يصلح في ... موضعها حتى أو ألا أن خفى )
(4/7)

اختصت أن من بين نواصب المضارع بأنها تعمل مظهرة ومضمرة
فتظهر وجوبا إذا وقعت بين لام الجر ولا النافية نحو جئتك لئلا تضرب زيدا
وتظهر جوازا إذا وقعت بعد لام الجر ولم تصحبها لا النافية نحو جئتك لأقرأ ولأن أقرأ هذا إذا لم تسبقها كان المنفية
فإن سبقتها كان المنفية وجب إضمار أن نحو ما كان زيد ليفعل ولا تقول لأن يفعل قال الله تعالى ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم )
ويجب إضمار أن بعد أو المقدرة بحتى أو إلا فتقدر بحتى إذا كان الفعل الذي قبلها مما ينقضى شيئا فشيئا وتقدر بإلا إن لم يكن كذلك فالأول كقوله
322 - ( لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى ... فما انقادت الآمال إلا لصابر )
(4/8)

أي لأستسهلن الصعب حتى أدرك المنى ف أدرك منصوب ب أن المقدرة بعد أو التي بمعنى حتى وهي واجبة الإضمار والثاني كقوله
323 - ( وكنت إذا غمزت قناة قوم ... كسرت كعوبها أو تستقيما )
(4/9)

أي كسرت كعوبها إلا أن تستقيم ف تستقيم منصوب ب أن بعد أو واجبة الإضمار
( وبعد حتى هكذا إضمار أن ... حتم ك جد حتى تسر ذا حزن )
وما يجب إضمار أن بعده حتى نحو سرت حتى أدخل البلد ف حتى حرف جر و أدخل منصوب بأن المقدرة بعد حتى هذا إذا كان الفعل بعدها مستقبلا
فإن كان حالا أو مؤولا بالحال وجب رفعه وإليه الإشارة بقوله
( وتلو حتى حالا أو مؤولا ... به أرفعن وانصب المستقبلا )
(4/10)

فتقول سرت حتى أدخل البلد بالرفع إن قلته وأنت داخل وكذلك إن كان الدخول قد وقع وقصدت به حكاية تلك الحال نحو كنت سرت حتى أدخلها
( وبعد فاجواب نفى أو طلب ... محضين أن وسترها حتم نصب )
يعني أن أن تنصب وهي واجبة الحذف الفعل المضارع بعد الفاء المجاب بها نفي محض أو طلب محض فمثال النفي ما تأتينا فتحدثنا وقد قال تعالى ( لا يقضى عليهم فيموتوا ) ومعنى كون نفي محضا أن يكون خالصا من معنى الإثبات فإن لم يكن خالصا منه وجب رفع ما بعد الفاء نحو
(4/11)

ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ومثال الطلب وهو يشمل الأمر والنهي والدعاء والاستفهام والعرض والتحضيض والتمني فالأمر نحو اثتني فأكرمك ومنه
324 - ( يا ناق سيري عنقا فسيحا ... إلى سليمان فتستريحا )
والنهى نحو لا تضرب زيدا فيضربك ومنه قوله تعالى ( لا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ) والدعاء نحو رب انصرني فلا أخذل ومنه
325 - ( رب وفقني فلا أعدل عن ... سنن الساعين في خير سنن )
(4/12)

والاستفهام نحو هل تكرم زيدا فيكرمك ومنه قوله تعالى ( فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ) والعرض نحو ألا تنزل عندنا فتصيب خيرا ومنه قوله
326 - ( يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما ... قد حدثوك فما راء كمن سمعا )
(4/13)

والتحضيض نحو لولا تأتينا فتحدثنا ومنه قوله تعالى ( لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ) والتمنى نحو ( يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما )
ومعنى أن يكون الطلب محضا أن لا يكون مدلولا عليه باسم فعل ولا بلفظ الخبر فإن كان مدلولا عليه بأحد هذين المذكورين وجب رفع ما بعد الفاء نحو صه فأحسن إليك وحسبك الحديث فينام الناس
( والواو كالفا إن تفد مفهوم مع ... كلا تكن جلدا وتظهر الجزع )
يعني أن المراضع التي ينصب فيها المضارع بإضمار أن وجوبا بعد الفاء بنصب فيها كلها ب أن مضمرة وجوبا بعد الواو إذا قصد بها المصاحبة نحو ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) وقوله
(4/14)

327 - ( فقلت ادعى وأدعو إن أندى ... لصوت أن ينادى داعيان )
وقوله
328 - ( لاتنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم )
(4/15)

وقوله
329 - ( ألم أك جاركم ويكون بيني ... وبينكم المودة والإخاء )
(4/16)

واحترز بقوله إن تفد مفهوم مع عما إذا لم تفد ذلك بل أردت التشريك بين الفعل والفعل أو أردت جعل ما بعد الواو خبرا لمبتدأ محذوف فإنه لا يجوز حينئذ النصب
ولهذا جاز فيما بعد الواو في قولك لا تأكل السمك وتشرب اللبن ثلاثة أوجه الجزم على التشريك بين الفعلين نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن والثاني الرفع على إضمار مبتدأ نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن أي وأنت تشرب اللبن والثالث النصب على معنى النهى عن الجمع بينهما نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن أي لا يكن منك أن تأكل السمك وأن تشرب اللبن فينصب هذا الفعل بأن مضمرة
( وبعد غير النفي جزما اعتمد ... إن تسقط الفا والجزاء قد قصد )
يجوز في جواب غير النفي من الأشياء التي سبق ذكرها أن تجزم إذا
(4/17)

سقطت الفاء وقصد الجزاء نحو زرني أزرك وكذلك الباقي وهل هو مجزوم بشرط مقدر أي زرني فإن تزرني أزرك أو بالجملة قبله قولان ولا يجوز الجزم في النفي فلا تقول ما تأتينا تحدثنا
( وشرط جزم بعد نهي أن تضع ... إن قبل لا دون تخالف يقع )
لا يجوز الجزم عند سقوط الفاء بعد النهي إلا بشرط أن يصح المعنى بتقدير دخول إن الشرطية على لا فتقول لا تدن من الأسد تسلم بجزم تسلم إذ يصح إن لا تدن من الأسد تسلم ولا يجوز الجزم في قولك لا تدن من الأسد يأكلك إذ لا يصح إن لا تدن من الأسد يأكلك
(4/18)

وأجاز الكسائي ذلك بناء على أنه لا يشترط عنده دخول إن على لا فجزمه على معنى إن تدن من الأسد يأكلك
( والأمر إن كان بغير افعل فلا ... تنصب جوابه وجزمه أقبلا )
قد سبق أنه إذا كان الأمر مدلولا عليه باسم فعل أو بلفظ الخبر لم يجز نصبه بعد الفاء وقد صرح بذلك هنا فقال متى كان الأمر بغير صيغة افعل ونحوها فلا ينتصب جوابه ولكن لو أسقطت الفاء جزمته كقولك صه أحسن إليك وحسبك الحديث ينم الناس وإليه أشار بقوله وجزمه اقبلا
( والفعل بعد الفاء في الرحبا نصب ... كنصب ما إلى التمني ينتسب )
(4/19)

أجاز الكوفيون قاطبة أن يعامل الرجاء معاملة التمني فينصب جوابه المقرون بالفاء كما نصب جواب التمنى وتابعهم المصنف ومما ورد منه قوله تعالى ( لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فاطلع ) في قراءة من نصب أطلع وهو حفص عن عاصم
( وإن على اسم خالص فعل عطف ... تنصبه أن ثابتا أو منحذف )
يجوز أن ينصب بأن محذوفة أو مذكورة بعد عاطف تقدم عليه اسم خالص أي غير مقصود به معنى الفعل وذلك كقوله
330 - ( وليس عباءة وتقر عيني ... أحب إلي من لبس الشقوف )
(4/20)

فتقر منصوب بأن محذوفة وهي جائزة الحذف لأن قبله اسما صريحا وهو لبس وكذلك قوله
231 - ( إني وقتلي سليكا ثم أعقله ... كالنور يضرب لما عافت البقر )
(4/21)

فأعقله منصوب ب وأن محذوفة وهي جائزة الحذف لأن قبله اسما صريحا وهو قتلي وكذلك قوله
332 - ( لولا توقع معتر فأرضيه ... ما كنت أوثر إترابا على ترب )
(4/22)

فأرضيه منصوب بأن محذوفه جوازا بعد الفاء لأن قبلها اسما صريحا وهو توقع وكذلك قوله تعالى ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا ) فيرسل منصوب بان الجائزة الحذف لأن قبله وحيا وهو اسم صريح
فإن كان الاسم غير صريح أي مقصودا به معنى الفعل لم يجز النصب نحو الطائر فيغضب زيد الذباب فيغضب يجب رفعه لأنه معطوف على طائر وهو اسم غير صريح لأنه واقع موقع الفعل من جهة أنه صلة لأل وحق الصلة أن تكون جملة فوضع طائر موضع يطير
(4/23)

والأصل الذي يطير فلما جيء بأل عدل عن الفعل إلى اسم الفاعل لأجل أل لأنها لا تدخل إلا على الأسماء
( وشذ حذف أن ونصب في سوى ... ما مر فاقبل منه ما عدل روى )
لما فرغ من ذكر الأماكن التي ينصب فيها بأن محذوفة إما وجوبا وإما جوازا ذكر أن حذف أن والنصب بها في غير ما ذكر شاذ لا يقاس عليه ومنه قولهم مره يحفرها بنصب يحفر أي مره أن يحفرها ومنه قولهم خذ اللص قبل يأخذك أي قبل أن يأخذك ومنه قوله
333 - ( ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي )
في رواية من نصب أحضر أي أن أحضر
(4/24)

عوامل الجزم
( بلا ولام طالبا ضع جزما ... في الفعل هكذا بلم ولما )
( وأجزم بإن ومن وما ومهما ... أي متى أيان أين إذما )
( وحيثما أنى وحرف إذما ... كإن وباقي الأدوات أسما )
الأدوات الجازمة للمضارع على قسمين
أحدهما ما يجزم فعلا واحدا وهو اللام الدالة على الأمر نحو ليقم زيد أو على الدعاء نحو ( ليقض علينا ربك ) ولا الدالة على النهي نحو قوله تعالى ( لا تحزن إن الله معنا ) أو على الدعاء نحو ( ربنا لا تؤاخذنا ) ولم ولما وهما للنفي ويختصان بالمضارع ويقلبان معناه إلى المضي نحو لم يقم زيد ولما يقم عمرو ولا يكون النفي بلما إلا متصلا بالحال
(4/26)

والثاني ما يجزم فعلين وهو إن نحو ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) ومن نحو ( من يعمل سوءا يجز به ) وما نحو ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله ) ومهما نحو ( وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ) وأي نحو ( أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) ومتى كقوله
334 - ( متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد )
(4/27)

وأيان كقوله
335 - ( أيان نؤمنك نأمن غيرنا وإذا ... لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا )
(4/28)

أينما كقوله
336 - ( أينما الريح تميلها تمل ... )
وإذ ما نحو قوله
337 - ( وإنك إذ ما تأت ما أنت آمر ... به تلف من إياه تأمر آتيا )
(4/29)

وحيثما نحو قوله
338 - ( حيثما تستقم يقدر لك الله نجاحا في غابر الأزمان ... )
(4/30)

وأنى نحو قوله
339 - ( خليلي أني تأتياني تأتيا ... أخا غير ما يرضيكما لا يحاول )
وهذه الأدوات التي تجزم فعلين كلها أسماء إلا إن وإذ ما فإنهما حرفان وكذلك الأدوات التي تجزم فعلا واحدا كلها حروف
(4/31)

( فعلين يقتضين شرط قدما ... يتلو الجزاء وجوابا وسما )
يعني أن هذه الأدوات المذكورة في قوله واجزم بإن إلى قوله وأني يقتضين جملتين إحداهما وهي المتقدمة تسمى شرطا والثانية وهي المتأخرة تسمى جوابا وجزاء ويجب في الجملة الأولى أن تكون فعلية وأما الثانية فالأصل فيها أن تكون فعلية ويجوز أن تكون اسمية نحو إن جاء زيد أكرمته وإن جاء زيد فله الفضل
( وماضيين أو مضارعين ... تلفيهما أو متخالفين )
(4/32)

إذا كان الشرط والجزاء جملتين فعليتين فيكونان على أربعة أنحاء
الأول أن يكون الفعلان ماضيين نحو إن قام زيد قام عمرو ويكونان في محل جزم ومنه قوله تعالى ( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم )
والثاني أن يكونا مضارعين نحو إن يقم زيد يقم عمرو ومنه قوله تعالى ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله )
والثالث أن يكون الأول ماضيا والثاني مضارعا نحو إن قام زيد يقم عمرو ومنه قوله تعالى ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها )
والرابع أن يكون الأول مضارعا والثاني ماضيا وهو قليل ومنه قوله
340 - ( من يكدني بسيء كنت منه ... كالشجا بين حلقه والوريد )
(4/33)

وقوله يقم ليلة القدر غفر له ما تقدم من ذنبه
(4/34)

( وبعد ماض رفعك الجزا حسن ... ورفعه بعد مضارع وهن )
أي إذا كان الشرط ماضيا والجزاء مضارعا جاز جزم الجزاء ورفعه وكلاهما حسن فتقول إن قام زيد يقم عمرو ويقوم عمرو ومنه قوله
341 - ( وإن أناه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم )
(4/35)

وإن كان الشرط مضارعا والجزاء مضارعا وجب الجزم فيهما ورفع الجزاء ضعيف كقوله
342 - ( يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنك إن يصرع أخوك تصرع )
(4/36)

( وأقرن بفا حتما جوابا لو جعل ... شرطا لإن أو غيرها لم ينجعل )
أي إذا كان الجواب لا يصلح أن يكون شرطا وجب اقترانه بالفاء وذلك كالجملة الاسمية نحو إن جاء زيد فهو محسن وكفعل الأمر نحو إن جاء زيد فاضربه وكالفعلية المنفية بما نحو إن جاء زيد فما أضربه أو لن نحو إن جاء زيد فلن أضربه
فإن كان الجواب يصلح أن يكون شرطا كالمضارع الذي ليس منفيا بما ولا بلن ولا مقرونا بحرف التنفيس ولا بقد وكالماضي المتصرف
(4/37)

الذي هو غير مقرون بقد لم يجب اقترانه بالفاء نحو إن جاء زيد يجيء عمرو أو قام عمرو
( وتخلف الفاء إذا المفاجأة ... كإن تجد إذا لنا مكافأة )
أي إذا كان الجواب جملة اسمية وجب اقترانه بالفاء ويجوز إقامة إذا الفجائية مقام الفاء ومنه قوله تعالى ( وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ) ولم يقيد المصنف الجملة بكونها اسمية استغناء بفهم ذلك من التمثيل وهو إن تجد إذا لنا مكافأة
( والفعل من بعد الجزا إن يقترن ... بالفا أو الواو بتثليث قمن )
(4/38)

إذا وقع بعد جزاء الشرط فعل مضارع مقرون بالفاء أو الواو جاز فيه ثلاثة أوجه الجزم والرفع والنصب وقد قرىء بالثلاثة قوله تعالى ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ) بجزم يغفر ورفعه ونصبه وكذلك روى بالثلاثة قوله
343 - ( فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والبلد الحرام )
( ونأخذ بعده بذناب عيش ... أجب الظهر ليس له سنام )
روى بجزم نأخذ ورفعه ونصبه
(4/39)

( وجزم أو نصب لفعل إثرفا ... أو واو أن بالجملتين اكتنفا )
إذا وقع بين فعل الشرط والجزاء فعل مضارع مقرون بالفاء أو الواو جاز نصبه وجزمه نحو إن يقم زيد ويخرج خالد أكرمك بجزم يخرج ونصبه ومن النصب قوله
(4/40)

344 - ( ومن يقترب منا ويخضع نؤوه ... ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما )
( والشرط يغني عن جواب قد علم ... والعكس قد يأتي إن المعنى فهم )
(4/41)

يجوز حذف جواب الشرط والاستغناء بالشرط عنه وذلك عند ما يدل دليل على حذفه نحو أنت ظالم إن فعلت فحذف جواب الشرط لدلالة أنت ظالم عليه والتقدير أنت ظالم إن فعلت فأنت ظالم وهذا كثير في لسانهم
وأما عكسه وهو حذف الشرط والاستغناء عنه بالجزاء فقليل ومنه قوله
345 - ( فطلقها فلست لها بكفء ... وإلا يعل مفرقك الحسام )
(4/42)

أي وإلا تطلقها يعل مفرقك الحسام
( واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزم )
كل واحد من الشرط والقسم يستدعي جوابا وجواب الشرط إما مجزوم أو مقرون بالفاء وجواب القسم إن كان جملة فعلية مثبتة مصدرة بمضارع أكد باللام والنون نحو والله لأضربن زيدا وإن صدرت بماض اقترن باللام وقد نحو والله لقد قام زيد وإن كان جملة اسمية فبإن واللام أو اللام وحدها أو بإن
(4/43)

وحدها نحو والله إن زيدا لقائم والله لزيد قائم والله إن زيدا قائم وإن كان جملة فعلية منفية فينفي بما أولا أو إن نحو والله ما يقوم زيد ولا يقوم زيد وإن يقوم زيد والاسمية كذلك
فإذا اجتمع شرط وقسم حذف جواب المتأخر منهما لدلالة جواب الأول عليه فتقول إن قام زيد والله يقم عمرو فتحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه وتقول والله إن يقم زيد ليقومن عمرو فتحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه
( وإن تواليا وقبل ذو خبر ... فالشرط رجح مطلقا بلا حذر )
أي إذا اجتمع الشرط والقسم أجيب السابق منهما وحذف جواب المتأخر هذا إذا لم يتقدم عليهما ذو خبر فإن تقدم عليهما ذو خبر رجح الشرط مطلقا أي سواء كان متقدما أو متأخرا فيجاب الشرط ويحذف جواب القسم فتقول زيد إن قام والله أكرمه وزيد والله إن قام أكرمه
(4/44)

( وربما رجح بعد قسم ... شرط بلا ذي خبر مقدم )
أي وقد جاء قليلا ترجيح الشرط على القسم عند اجتماعهما وتقدم القسم وإن لم يتقدم ذو خبر ومنه قوله
346 - ( لئن منيت بنا عن غب معركة ... لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل )
(4/45)

فلام لئن موطئة لقسم محذوف والتقدير والله لئن وإن شرط وجوابه لا تلفنا وهو مجزوم بحذف الياء ولم يجب القسم بل حذف جوابه لدلالة جواب الشرط عليه ولو جاء على الكثير وهو إجابة القسم لتقدمه لقيل لا تلفينا بإثبات الياء لأنه مرفوع
(4/46)

فصل لو
( لو حرف شرط في مضى ويقل ... إيلاؤها مستقبلا لكن قبل )
لو تستعمل استعمالين
أحدهما أن تكون مصدرية وعلامتها صحة وقوع أن موقعها نحو وددت لو قام زيد أي قيامة وقد سبق ذكرها في باب الموصول
الثاني أن تكون شرطية ولا يليها غالبا إلا ماض معنى ولهذا قال لو حرف شرط في مضى وذلك نحو قولك لو قام زيد لقمت وفسرها سيبويه بأنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره وفسرها غيره بأنها حرف امتناع لامتناع وهذه العبارة الأخيرة هي المشهورة والأولى الأصح وقد يقع بعدها ما هو مستقبل المعنى وإليه أشار بقوله ويقل إيلاؤها مستقبلا ومنه قوله تعالى ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم ) وقوله
(4/47)

347 - ( ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... على ودوني جندل وصفائح )
( لسلمت تسليم البشاشة أوزقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح )
(4/48)

( وهي في الاختصاص بالفعل كإن ... لكن لو أن بها قد تقترن )
يعني أن لو الشرطية تختص بالفعل فلا تدخل على الاسم كما أن إن الشرطية كذلك لكن تدخل لو على أن واسمها وخبرها نحو لو أن زيدا قائم لقمت واختلف فيها والحالة هذه فقيل هي باقية على اختصاصها وأن وما دخلت عليه في موضع رفع فاعل بفعل محذوف والتقدير لو ثبت أن زيدا قائم لقمت أي لو ثبت قيام زيد وقيل زالت عن الاختصاص وأن وما دخلت عليه في موضع رفع مبتدأ والخبر محذوف والتقدير لو أن زيدا قائم ثابت لقمت أي لو قيام زيد ثابت وهذا مذهب سيبويه
( وإن مضارع تلاها صرفا ... إلى المضى نحو لو يفي كفى )
(4/49)

قد سبق أن لو هذه لا يليها في الغالب إلا ما كان ماضيا في المعنى وذكر هنا أنه إن وقع بعدها مضارع فإنها تقلب معناه إلى المضى كقوله
348 - ( رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا )
(4/50)

( لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خروا لغزة ركعا وسجودا )
أي لو سمعوا
ولا بد للو هذه من جواب وجوابها إما فعل ماض أو مضارع منفي بلم
وإذا كان جوابها مثبتا فالأكثر اقترانه باللام نحو لو قام زيد لقام عمرو ويجوز حذفها فتقول لو قام زيد قام عمرو
وإن كان منفيا بلم لم تصحبها اللام فتقول لو قام زيد لم يقم عمرو
وإن نفى بما فالأكثر تجرده من اللام نحو لو قام زيد ما قام عمرو ويجوز اقترانه بها نحو لو قام زيد لما قام عمرو
(4/51)

أما ولولا ولوما
( أما كمهما يك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوبا ألفا )
أما حرف تفصيل وهي قائمة مقام أداة الشرط وفعل الشرط ولهذا فسرها سيبويه بمهما يك من شيء والمذكور بعدها جواب الشرط فلذلك لزمته الفاء نحو أما زيد فمنطلق والأصل مهما يك من شيء فزيد منطلق فأنيبت أما مناب مهما يك من شيء فصار أما فزيد منطلق ثم أخرت الفاء إلى الخبر فصار أما زيد فمنطلق ولهذا قال وفا لتلو تلوها وجوبا ألفا
( وحذف ذي الفاقل في نثر إذا ... لم يك قول معها قد نبذا )
(4/52)

قد سبق أن هذه الفاء ملتزمة الذكر وقد جاء حذفها في الشعر كقوله
349 - ( فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرا في عراض المواكب )
(4/53)

أي فلا قتال وحذفت في النثر أيضا بكثرة وبقلة فالكثرة عند حذف القول معها كقوله عز و جل ( فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ) أي فيقال لهم أكفرتم بعد إيمانكم والقليل ما كان بخلافه كقوله بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله هكذا وقع في صحيح البخاري ما بال بحذف الفاء والأصل أما بعد فما بال رجال فحذفت الفاء
(4/54)

( ولا ولوما يلزمان الابتدا ... إذا امتناعا بوجود عقدا )
للولا ولوما استعمالان
أحدهما أن يكونا دالين على امتناع الشيء لوجود غيره وهو المراد بقوله إذا امتناعا بوجود عقدا ويلزمان حينئذ الابتداء فلا يدخلان إلا على المبتدأ ويكون الخبر بعدهما محذوفا وجوبا ولا بد لهما من جواب فإن كان مثبتا قرن باللام غالبا وإن كان منفيا بما تجرد عنها غالبا وإن كان منفيا بلم لم يقترن بها نحو لولا زيد لأكرمتك ولوما زيد لأكرمتك ولوما زيد ما جاء عمرو ولوما زيد لم يجيء عمرو فزيد في
(4/55)

هذه المثل ونحوها مبتدأ وخبره محذوف وجوبا والتقدير لولا زيد موجود وقد سبق ذكر هذه المسألة في باب الابتداء
( وبهما التخضيض مز وهلا ... ألا ألا وأولينها الفعلا )
أشار في هذا البيت إلى الاستعمال الثاني للولا ولوما وهو الدلالة على التخضيض ويختصان حينئذ بالفعل نحو لولا ضربت زيدا ولوما قتلت بكرا فإن قصدت بهما التوبيخ كان الفعل ماضيا وإن قصدت بهما الحث على الفعل كان مستقبلا بمنزلة فعل الأمر كقوله تعالى ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا ) أي لينفر
وبقية أدوات التحضيض حكمها كذلك فتقول هلا ضربت زيدا وألا فعلت كذا وألا مخفة كألا مشددة
( وقد يليها أسم بفعل مضمر ... علق أو بظاهر مؤخر )
(4/56)

قد سبق أن أدوات التخضيض تختص بالفعل فلا تدخل على الاسم وذكر في هذا البيت أنه قد يقع الاسم بعدها ويكون معمولا لفعل مضمر أو لفعل مؤخر عن الاسم فالأول كقوله
350 - ( هلا التقدم والقلوب صحاح ... )
(4/57)

فالتقدم مرفوع بفعل محذوف وتقديره هلا وجد التقدم ومثله قوله
351 - ( تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى ولا الكمى المقنعا )
(4/58)

فالكمى مفعول بفعل محذوف والتقدير لولا تعدون الكمى المقنع والثاني كقولك لولا زيدا ضربت فزيدا مفعول ضربت
(4/59)

الإخبار بالذي والألف واللام
( ما قيل أخبر عنه بالذي خبر ... عن الذي مبتدأ قبل استقر )
( وما سواهما فوسطه صله ... عائدها خلف معطى التكملة )
( نحو الذي ضربته زيد فذا ... ضربت زيدا كان فادر المأخذا )
(4/60)

هذا الباب وضعه النحويون لامتحان الطالب وتدريبه كما وضعوا باب التمرين في التصريف لذلك
فإذا قيل لك أخبر عن اسم من الأسماء بالذي فظاهر هذا اللفظ أنك تجعل الذي خبرا عن ذلك الاسم لكن الأمر ليس كذلك بل المجعول خبرا هو ذلك الاسم والمخبر عنه إنما هو الذي كما ستعرفه فقيل إن الباء في بالذي بمعنى عن فكأنه قيل أخبر عن الذي
والمقصود أنه إذا قيل لك ذلك فجيء بالذي واجعله مبتدأ واجعل ذلك الاسم خبرا عن الذي وخذ الجملة التي كان فيها ذلك الاسم فوسطها بين الذي وبين خبره وهو ذلك الاسم واجعل الجملة صلة الذي واجعل العائد على الذي الموصول ضميرا تجعله عوضا عن ذلك الاسم الذي صيرته خبرا
فإذا قيل لك أخبر عن زيد من قولك ضربت زيدا فتقول الذي ضربته زيد فالذي مبتدأ وزيد خبره وضربته صلة الذي والهاء في ضربته خلف عن زيد الذي جعلته خبرا وهي عائدة على الذي
( وباللذين والذين والتي ... أخبر مراعيا وفاق المثبت )
(4/61)

أي إذا كان الاسم الذي قيل لك أخبر عنه مثنى فجيء بالموصول مثنى كاللذين وإن كان مجموعا فجيء به كذلك كالذين وإن كان مؤنثا فجيء به كذلك كالتي
والحاصل أنه لا بد من مطابقة الموصول للاسم المخبر عنه به لأنه خبر عنه ولا بد من مطابقة الخبر للمخبر عنه إن مفردا فمفرد وإن مثنى فمثنى وإن مجموعا فمجموع وإن مذكرا فمذكر وإن مؤنثا فمؤنث
فإذا قيل لك أخبر عن الزيدين من ضربت الزيدين قلت اللذان ضربتهما الزيدان وإذا قيل أخبر عن الزيدين من ضربت الزيدين قلت الذين ضربتهم الزيدون وإذا قيل أخبر عن هند من ضربت هندا قلت التي ضربتها هند
( قبول تأخير وتعريف لما ... أخبر عنه ههنا قد حتما )
(4/62)

( كذا الغني عنه بأجنبي أو ... بمضمر شرط فراع ما رعوا )
يشترط في الاسم المخبر عنه بالذي شروط
أحدها أن يكون قابلا للتأخير فلا يخبر بالذي عما له صدر الكلام كأسماء الشرط والاستفهام نحو من وما
الثاني أن يكون قابلا للتعريف فلا يخبر عن الحال والتمييز
الثالث أن يكون صالحا للاستغناء عنه بأجنبي فلا يخبر عن الضمير الرابط للجملة الواقعة خبرا كالهاء في زيد ضربته
الرابع أن يكون صالحا للاستغناء عنه بمضمر فلا يخبر عن الموصوف دون صفته ولا عن المضاف دون المضاف إليه فلا تخبر عن رجل وحده من قولك ضربت رجلا ظريفا فلا تقول الذي ضربته ظريفا رجل لأنك لو أخبرت عنه لوضعت مكانه ضميرا وحينئذ يلزم وصف الضمير والضمير لا يوصف ولا يوصف به فلو أخبرت عن الموصوف مع صفته جاز ذلك لانتفاء هذا المحذور كقوله الذي ضربته رجل ظريف
وكذلك لا تخبر عن المضاف وحده فلا تخبر عن غلام وحده من
(4/63)

ضربت غلام زيد لأنك تضع مكانه ضميرا كما تقرر والضميرلا يضاف فلو أخبرت عنه مع المضاف إليه جاز ذلك لانتفاء المانع فتقول الذي ضربته غلام زيد
( وأخبروا هنا بأل عن بعض ما ... يكون فيه الفعل قد تقدما )
( إن صح صوغ صلة منه لأل ... كصوغ واق من وقى الله البطل )
يخبر بالذي عن الاسم الواقع في جملة اسمية أو فعلية فتقول في الإخبار عن زيد من قولك زيد قائم الذي هو قائم زيد
(4/64)

وتقول في الإخبار عن زيد من قولك ضربت زيدا الذي ضربته زيد
ولا يخبر بالألف واللام عن الاسم إلا إذا كان واقعا في جملة فعلية وكان ذلك الفعل مما يصح أن يصاغ منه صلة الألف واللام كاسم الفاعل واسم المفعول
ولا يخبر بالألف واللام عن الاسم الواقع في جملة اسمية ولا عن الاسم الواقع في جملة فعلية فعلها غير متصرف كالرجل من قولك نعم الرجل إذ لا يصح أن يستعمل من نعم صلة الألف واللام
وتخبر عن الاسم الكريم من قولك وقى الله البطل فتقول الواقي البطل الله وتخبر أيضا عن البطل فتقول الوقية الله البطل
( وإن يكن ما رفعت صلة أل ... ضمير غيرها أبين وانفصل )
الوصف الواقع صلة لأل إن رفع ضميرا فإما أن يكون عائدا على الألف
(4/65)

واللام أو على غيرها كان فإن كان عائدا عليها استتر وإن كان عائدا على غيرها انفصل
فإن قلت بلغت من الزيدين إلى العمرين رسالة فإن أخبرت عن التاء في بلغت قلت المبلغ من الزيدين إلى العمرين رسالة أنا ففي المبلغ ضمير عائد على الألف واللام فيجب استتاره
وإن أخبرت عن الزيدين من المثال المذكور قلت المبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة الزيدان فأنا مرفوع بالمبلغ وليس عائدا على الألف واللام لأن المراد بالألف واللام هنا مثنى وهو المخبر عنه فجيب إبراز الضمير
وإن أخبرت عن العمرين من المثال المذكور قلت المبلغ أنا من الزيدين إليهم رسالة العمرون فيجب إبراز الضمير كما تقدم
وكذا يجب إبراز الضمير إذا أخبرت عن رسالة من المثال المذكور لأن المراد بالألف واللام هنا الرسالة والمراد بالضمير الذي ترفعه صلة أل المتكلم فتقول المبلغها أنا من الزيدين إلى العمرين رسالة
(4/66)

العدد
( ثلاثة بالتاء قل للعشرة ... في عد ما آحاده مذكره )
( في الضد جرد والمميز أجرر ... جمعا بلفظ قلة في الأكثر )
تثبت التاء في ثلاثة وأربعة وما بعدهما إلى عشرة إن كان المعدود بهما مذكرا وتسقط إن كان مؤنثا ويضاف إلى جمع نحو عندي ثلاثة رجال وأربع نساء وهكذا إلى عشرة
(4/67)

وأشار بقوله جمعا بلفظ قلة في الأكثر إلى أن المعدود بها إن كان له جمع قلة وكثرة لم يضف العدد في الغالب إلا إلى جمع القلة فتقول عندي ثلاثة أفلس وثلاث أنفس ويقل عندي ثلاثة فلوس وثلاث نفوس
ومما جاء على غير الأكثر قوله تعالى ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) فأضاف ثلاثة إلى جمع الكثرة مع وجود جمع القلة وهو أقراء
فإن لم يكن للاسم إلا جمع كثرة لم يضف إلا إليه نحو ثلاثة رجال
( ومائة والألف للفرد أضف ... ومائة بالجمع نزرا قد ردف )
قد سبق أن ثلاثة وما بعدها إلى عشرة لا تضاف إلا إلى جمع وذكر هنا أن مائة وألفا من الأعداد المضافة وأنهما لا يضافان إلا إلى مفرد
(4/68)

نحو عندي مائة رجل وألف درهم وورد إضافة مائة إلى جمع قليلا ومنه قراءة حمزة والكسائي ( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين ) بإضافة مائة إلى سنين
والحاصل أن العدد المضاف على قسمين
أحدهما ما لا يضاف إلا إلى جمع وهو ثلاثة إلى عشرة
والثاني مالا يضاف إلا إلى مفرد وهو مائه وألف وتثنيتهما نحو مائتا درهم وألفا درهم وأما إضافة مائة إلى جمع فقليل
( وأحد أذكر وصلنه بعشر ... مركبا قاصد معدود ذكر )
( وقل لدى التأنيث إحدى عشرة ... والشين فيها عن تميم كسره )
(4/69)

( ومع غير أحد وإحدى ... ما معهما فعلت فافعل قصدا )
( ولثلاثة وتسعة وما ... بينهما إن ركبا ما قدما )
لما فرغ من ذكر العدد المضاف ذكر العدد المركب فيركب عشرة مع ما دونها إلى واحد نحو أحد عشر واثنا عشر وثلاثة عشر وأربعة عشر إلى تسعة عشر هذا للمذكر وتقول في المؤنث إحدى عشرة واثنتا عشرة وثلاث عشرة وأربع عشرة إلى تسع عشرة فللمذكر أحد واثنا وللمؤنث إحدى واثنتا
(4/70)

( أما ثلاثة وما بعدها إلى تسعة فحكمها بعد التركيب كحكمها قبله فتثبت التاء فيها إن كان المعدود مذكرا وتسقط إن كان مؤنثا
وأما عشرة وهو الجزء الأخير فتسقط التاء منه إن كان المعدود مذكرا وتثبت إن كان مؤنثا على العكس من ثلاثة فما بعدها فتقول عندي ثلاثة عشر رجلا وثلاث عشرة امرأة وكذلك حكم عشرة مع أحد وإحدى واثنين واثنتين فتقول أحد عشر رجلا واثنا عشر رجلا بإسقاط التاء وتقول إحدى عشرة امرأة واثنتا عشرة امرأة بإثبات التاء
ويجوز في شين عشرة مع المؤنث التسكين ويجوز أيضا كسرها وهي لغة تميم
( وأول عشرة اثنتي وعشرا ... اثنى إذا أنثى تشا أو ذكرا )
( واليا لغير الرفع وارفع بالألف ... والفتح في جزءى سواهما ألف )
(4/71)

قد سبق أنه يقال في العدد المركب عشر في التذكير وعشرة في التأنيث وسبق أيضا أنه يقال أحد في المذكر و إحدى في المؤنث وأنه يقال ثلاثة وأربعة إلى تسعة بالتاء للمذكر وسقوطها للمؤنث
وذكر هنا أنه يقال اثنا عشر للمذكر بلا تاء في الصدر والعجز م نحو عندي اثنا عشر رجلا ويقال اثنتا عشرة امرأة للمؤنث بتاء في الصدر والعجز
ونبه بقوله واليا لغير الرفع على أن الأعداد المركبة كلها مبنية صدرها وعجزها وتبنى على الفتح نحو أحد عشر بفتح الجزءين وثلاث عشرة بفتح الجزءين
ويستثنى من ذلك اثنا عشر واثنتا عشرة فإن صدرهما يعرب بالألف رفعا وبالياء نصبا وجرا كما يعرب المثنى وأما عجزها فيبني على الفتح فتقول جاء اثنا عشر رجلا ورأيت اثنى عشر رجلا ومررت باثنى عشر رجلا وجاءت اثنتا عشرة امرأة ورأيت اثنتى عشرة امرأة ومررت باثنتى عشرة امرأة
(4/72)

( وميز العشرين للتسعينا ... بواحد كأربعين حينا )
قد سبق أن العدد مضاف ومركب وذكر هنا العدد المفرد وهو من عشرين إلى تسعين ويكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث ولا يكون مميزه إلا مفردا منصوبا نحو عشرون رجلا وعشرون امرأة ويذكر قبله النيف ويعطف هو عليه فيقال أحد وعشرون واثنان وعشرون وثلاثة وعشرون بالتاء في ثلاثة وكذا ما بعد الثلاثة إلى التسعة للمذكر ويقال للمؤنث إحدى وعشرون واثنتان وعشرون وثلاث وعشرون بلا تاء في ثلاث وكذا ما بعد الثلاث إلى التسع
وتلخص مما سبق ومن هذا أن أسماء العدد على أربعة أقسام مضافة ومركبة ومفردة ومعطوفة
( وميزوا مركبا بمثل ما ... ميز عشرون فسوينهما )
(4/73)

أي تمييز العدد المركب كتمييز عشرين وأخواته فيكون مفردا منصوبا نحو أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة
( وإن أضيف عدد مركب ... يبق البنا وعجز قد يعرب )
يجوز في الأعداد المركبة إضافتها إلى غير مميزها ما عدا اثنى عشر فإنه لا يضاف فلا يقال اثنا عشرك
وإذا أضيف العدد المركب فمذهب البصريين أنه يبقى الجزآن على بتائهما فتقول هذه خمسة عشرك ومررت بخمسة عشرك بفتح آخر الجزءين
وقد يعرب العجز مع بقاء الصدر على بنائه فتقول هذه خمسة عشرك ورأيت خمسة عشرك ومررت بخمسة عشرك
(4/74)

( وصغ من اثنين فما فوق إلى ... عشرة كفاعل من فعلا )
( واختمه في التأنيث بالتا ومتى ... ذكرت فاذكر فاعلا بغير تا )
(4/75)

يصاغ من اثنين إلى عشرة اسم موازن لفاعل كما يصاغ من فعل نحو ضارب من ضرب فيقال ثان وثالث ورابع إلى عاشر بلا تاء في التذكير وبتاء في التأنيث
( وإن ترد بعض الذي منه بنى ... تضف إليه مثل بعض بين )
( وإن ترد جعل الأقل مثل ما ... فوق فحكم جاعل له أحكما )
(4/76)

لفاعل المصوغ من اسم العدد استعمالان
أحدهما أن يفرد فيقال ثان وثانية وثالث وثالثة كما سبق
والثاني أن لا يفرد وحينئذ إما أن يستعمل مع ما اشتق منه وإما أن يستعمل مع ما قبل ما اشتق منه
ففي الصورة الأولى يجب إضافة فاعل إلى ما بعده فتقول في التذكير ثاني اثنين وثالث ثلاثة ورابع أربعة إلى عاشر عشرة وتقول في التأنيث ثانية انثتتين وثالثة ثلاث ورابعة أربع إلى عاشرة عشر والمعنى أحد اثنين وإحدى اثنتين وأحد عشر وإحدى عشرة
وهذا هو المراد بقوله وإن ترد بعض الذي البيت أي وإن ترد بفاعل المصوغ من اثنين فما فوقه إلى عشرة بعض الذي بنى فاعل منه أي واحدا مما اشتق منه فأضف إليه مثل بعض والذي يضاف إليه هو الذي اشتق منه
وفي الصورة الثانية يجوز وجهان أحدهما إضافة فاعل إلى ما يليه والثاني تنوينه ونصب ما يليه بهه كما يفعل باسم الفاعل نحو ضارب زيد وضارب زيدا
فتقول في التذكير ثالث اثنين وثالث اثنين ورابع ثلاثة ورابع ثلاثة وهكذا إلى عاشر تسعة وعاشر تسعة
وتقول في التأنيث ثالثة اثنتين وثالثة اثنتين ورابعة ثلاث ورابعة ثلاثا وهكذا إلى عاشرة تسع وعاشرة تسعا والمعنى جاعل الاثنين ثلاثة والثالثة أربعة
وهذا هو المراد بقوله وإن ترد جعل الأقل مثل ما فوق أي وإن ترد بفاعل المصوغ من اثنين فما فوقه جعل ما هو أقل عددا مثل
(4/77)

ما فوقه فاحكم له بحكم جاعل من جواز الإضافة إلى مفعوله وتنوينه ونصبه
( وإن أردت مثل ثاني اثنين ... مركبا فجيء بتركيبين )
( أو فاعلا بحالتيه أضف ... إلى مركب بما تنوي يفي )
( وشاع الاستغنا بحادي عشرا ... ونحوه وقبل عشرين أذكرا )
(4/78)

( وبايه الفاعل من لفظ العدد ... بحالتيه قبل واو يعتمد )
قد سبق أنه يبني فاعل من اسم العدد على وجهين أحدهما أن يكون مرادا به بعض ما اشتق منه كثاني اثنين والثاني أن يراد به جعل الأقل مساويا لما فوقه كثالث اثنين
وذكر هنا أنه إذا أريد بناء فاعل من العدد المركب للدلالة على المعنى الأول وهو أنه بعض ما اشتق منه يجوز فيه ثلاثة أوجه
أحدها أن تجيء بتركيبين صدر أولهما فاعل في التذكير وفاعلة في التأنيث وعجزهما عشر في التذكير وعشرة في التأنيث وصدر الثاني منهما في التذكير أحد واثنان وثلاثة بالتاء إلى تسعة وفي التأنيث إحدى واثنتان وثلاث بلا تاء إلى تسع نحو ثالث عشر ثلاثة عشر وهكذا إلى تاسع عشر تسعة عشر
(4/79)

وثالثة عشرة ثلاث عشرة إلى تاسعة عشرة تسع عشرة وتكون الكلمات الأربع مبنية على الفتح
الثاني أن يقتصر على صدر المركب الأول فيعرب ويضاف إلى المركب الثاني باقيا الثاني على بناء جزءيه نحو هذا ثالث ثلاثة عشر وهذه ثالثة ثلاث عشرة
الثالث أن يقتصر على المركب الأول باقيا على بناء صدره وعجزه نحو هذا ثالث عشر وثالثة عشرة وإليه أشار بقوله ( وشاع الاستغنا بحادي عشرا ... ) ونحوه
ولا يستعمل فاعل من العدد المركب للدلالة على المعنى الثاني وهو أن يراد به جعل الأقل مساويا لما فوقه فلا يقال رابع عشر ثلاثة عشر وكذلك الجميع ولهذا لم يذكره المصنف واقتصر على ذكر الأول
وحادي مقلوب واحد وحادية مقلوب واحدة جعلوا فاءهما بعد لامهماا ولا يستعمل حادي إلا مع عشر ولا تستعمل حادية إلا مع
(4/80)

عشرة ويستعملان أيضا مع عشرين وأخواتها نحو حادي وتسعون وحادية وتسعون
وأشار بقوله وقبل عشرين البيت إلى أن فاعلا المصوع من اسم العدد يستعمل قبل العقود ويعطف عليه العقود نحو حادي وعشرون وتاسع وعشرون إلى التسعين
وقوله بحالتيه معناه أنه يستعمل قبل العقود بالحالتين اللتين سبقتا وهو أنه يقال فاعل في التذكير وفاعلة في التأنيث
(4/81)

كم وكأى وكذا
( ميز في الاستفهام كم بمثل ما ... ميزت عشرين ككم شخصا سما )
( وأجز أن تجره من مضمرا ... إن وليت كم حرف جر مظهرا )
كم اسم والدليل على ذلك دخول حروف الجر عليها ومنه قولهم على كم جذع سقفت بيتك وهي اسم لعدد مبهم ولا بد لها من تمييز نحو كم رجلا عندك وقد يحذف للدلالة عليه نحو كم صمت أي كم يوما صمت
(4/82)

وتكون استفهامية وخبرية فالخبرية سيذكرها والاستفهامية يكون مميزها كمميز عشرين وأخواته فيكون مفردا منصوبا نحو كم درهما قبضت ويجوز جره من مضمرة إن وليت كم حرف جر نحو بكم درهم اشتريت هذا أي بكم من درهم فإن لم يدخل عليها حرف جر وجب نصبه
( واستعملنها مخبرا كعشرة ... أو مائة ككم رجال أو مره )
( ككم كأي وكذا وينتصب ... تمييز ذين أو به صل من تصب )
(4/83)

تستعمل كم للتكثير فتميز بجمع مجرور كعشرة أو بمفرد مجرور كمائة نحو كم غلمان ملكت وكم درهم أنفقت والمعنى كثيرا من الغلمان ملكت وكثيرا من الدراهم أنفقت
ومثل كم في الدلالة على التكثير كذا وكأي ومميزهما منصوب أو مجرور بمن وهو الأكثر نحو قوله تعالى ( وكأي من نبي قاتل معه ) وملكت كذا درهما
وتستعمل كذا مفردة كهذا المثال ومركبة نحو ملكت كذا كذا درهما ومعطوفا عليها مثلها نحو ملكت كذا وكذا درهما
وكم لها صدر الكلام استفهامية كانت أو خبرية فلا تقول ضربت كم رجلا ولا ملكت كم غلمان وكذلك كأي بخلاف كذا نحو ملكت كذا درهما
(4/84)

الحكاية
( أحك بأي ما لمنكور سئل ... عنه بها في الوقف أو حين تصل )
( ووقفا أحك ما لمنكور بمن ... والنون حرك مطلقا وأشبعن )
( وقل منان ومنين بعد لى ... إلفان بابنين وسكن تعدل )
(4/85)

( وقل لمن قال أتت بنت منه ... والنون قبل تا المثنى مسكنه )
( والفتح زر وصل التا والألف ... بمن بإثر ذا بنسوة كلف )
( وقل منون ومنين مسكنا ... إن قيل جا قوم لقوم فطنا )
(4/86)

( وإن تصل فلفظ من لا يختلف ... ونادر منون في نظم عرف )
إن سئل ب أي عن منكور مذكور في كلام سابق حكى في أي ما لذلك المنكور من إعراب وتذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع ويفعل بها ذلك وصلا ووقفا فتقول لمن قال جاءني رجل أي ولمن قال رأيت رجلا أيا ولمن قال مررت برجل أي وكذلك تفعل في الوصل نحو أي يا فتى وأيا وأي يا فتى وتقولت في التأنيث أية وفي التثنية أيان وأيتان رفعا وأيين وأبتين جرا ونصبا وفي الجمع أيون وأيات رفعا وأيين وأيات جرا ونصبا
وإن سئل عن المنكور المذكور ب من حكى فيها ما له من إعراب وتشبع الحركة التي على النون فيتولد منها حرف مجانس لها ويحكى فيها ما له من تأنيث وتذكير وتثنية وجمع ولا تفعل بها ذلك كله إلا وقفا فتقول لمن قال جاءني رجل منو ولمن قال رأيت رجلا منا ولمن قال مررت برجل منى وتقول في تثنية المذكر منان رفعا ومنين نصبا وجرا وتسكن النون فيهما فتقول لمن قال جاءني رجلان
(4/87)

منان ولمن قال رأيت رجلين منين ولمن قال مررت برجلين منين
وتقول للمؤنثة منه رفعا ونصبا وجرا فإذا قيل أتت بنت فقل منه رفعا وكذا في الجر والنصب
وتقول في تثنية المؤنث منتان رفعا ومنتين جرا ونصبا بسكون النون التي قبل التاء وسكون نون التثنية وقد ورد قليلا فتح النون التي قبل التاء نحو منتان ومنتين وإليه أشار بقوله والفتح نرر
وتقول في جمع المؤنث منات بالألف والتاء الزائدتين كهندات فإذا قيل جاء نسوة فقل منات وكذا تفعل في الجر والنصب
وتقول في جمع المذكر رفعا منون رفعا ومنين نصبا وجرا بسكون النون فيهما فإذا قيل جاء قوم فقل منون وإذا قيل مررت بقوم أو رأيت قوما فقل منين
هذا حكم من إذا حكى بها في الوقف فإذا وصلت لم يحك فيها شيء من ذلك لكن تكون بلفظ واحد في الجميع فتقول من يافتى لقائل جميع ما تقدم وقد ورد في الشعر قليلا منون وصلا قال الشاعر
352 - ( أتوا نارى فقلت منون أنتم ... فقالوا الجن قلت عموا ظلاما )
(4/88)

فقال منون أنتم والقياس من أنتم
( والعلم أحكينه من بعد من ... إن عري من عاطف بها اقترن )
يجوز أن يحكى العلم ب من إن لم يتقدم عليها عاطف فتقول لمن قال جاءني زيد من زيد ولمن قال رأيت زيدا من زيدا ولمن
(4/89)

قال مررت بزيد من زيد فتحكى في العلم المذكور بعد من ما للعلم المذكور في الكلام السابق من الإعراب
ومن مبتدأ والعلم الذي بعدها خبر عنها أو خبر عن الاسم المذكور بعد من
فإن سبق من عاطف لم يجز أن يحكى في العلم الذي بعدها ما قبلها من الإعراب بل يجب رفعه على أنه خبر عن من أو مبتدأ خبره من فتقول لقائل جاء زيد أو رأيت زيدا أو مررت بزيد ومن زيد
ولا يحكى من المعارف إلا العلم فلا تقول لقائل رأيت غلام زيد من غلام زيد بنصب غلام بل يجب رفعه فتقول من غلام زيد وكذلك في الرفع والجر

(4/90)
التأنيث
( علامة التأنيث تاء أو ألف ... وفي أسام قدروا التا كالكتف )
( ويعرف التقدير بالضمير ... ونحوه كالرد في التصغير )
أصل الاسم أن يكون مذكرا والتأنيث فرع عن التذكير ولكون االتذكير هو الأصل استغنى الاسم المذكر عن علامة تدل على التذكير ولكون التأنيث فرعا عن التذكير افتقر إلى علامة تدل عليه وهي االتاء والألف المقصورة أو الممدودة والتاء أكثر في الاستعمال من الألف ولذلك قدرت في بعض الأسماء كعين وكتف
ويستدل على تأنيث ما لا علامة فيه ظاهرة من الأسماء المؤنثة بعود الضمير إليه مؤنثا نحو الكتف نهشتها والعين كحلتها وبما أشبه ذلك كوصفه بالمؤنث نحو أكلت كتفا مشوية وكرد التاء إليه في التصغير ككتيفة ويدية

(4/91)
( ولا تلى فارقة فعولا ... أصلا ولا المفعال والمفعيلا )
( كذاك مفعل وما تليه ... تا الفرق من ذي فشذوذ فيه )
( ومن فعيل كقتيل إن تبع ... موصوفه غالبا التا تمتنع )
قد سبق أن هذه التاء إنما زيدت في الأسماء ليتميز المؤنث عن المذكر وأكثر ما يكون ذلك في الصفات كقائم وقائمة وقاعد وقاعدة ويقل ذلك في الأسماء التي ليست بصفات كرجل ورجلة وإنسان وإنسانة وامرئ وامرأة

(4/92)
وأشار بقوله ولا تلى فارقة فعولا الأبيات إلى أن من الصفات ما لا تلحقه هذه التاء وهو ما كان من الصفات على فعول وكان بمعنى فاعل وإليه أشار بقوله أصلا واحترز بذلك من الذي بمعنى مفعول وإنما جعل الأول أصلا لأنه أكثر من الثاني وذلك نحو شكور وصبور بمعنى شاكر وصابر فيقال للمذكر والمؤنث صبور وشكور بلا تاء نحو هذا رجل شكور وامرأة صبور
فإن كان فعول بمعنى مفعول فقد تلحقه التاء في التأنيث نحو ركوبة بمعنى مركوبة
وكذلك لا تلحق التاء وصفا على مفعال كامرأة مهذار وهي الكثيرة الهذر وهو الهذيان أو على مفعيل كامرأة معطير من عطرت المرأة إذا استعملت الطيب أو على مفعل كمغشم وهو الذي لا يثنيه شيء عما يريده ويهواه من شجاعته
وما لحقته التاء من هذه الصفات للفرق بين المذكر والمؤنث فشاذ لا يقاس عليه نحو عدوعدوة وميقان وميقانة ومسكين ومسكينة
وأما فعيل فإما أن يكون بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول فإن كان بمعنى فاعل لحقته التاء في التأنيث نحو رجل كريم وامرأة كريمة وقد حذفت منه قليلا قال الله تعالى ( من يحيى العظام وهي رميم ) وقال الله تعالى ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) وإن كان بمعنى

(4/93)